في كل دول العالم المتقدمة، يُنظر إلى قطاع الطب البيطري باعتباره ركيزة أساسية في الأمن الغذائي والصحة العامة والاقتصاد الوطني. إلا أن هذا القطاع في مصر – رغم أهميته القصوى – ما زال بلا وزارة متخصصة أو قيادة سياسية على مستوى وزير أو حتى نائب وزير، وهو أمر يثير الدهشة والتساؤل: متى نرى وزيرًا للطب البيطري في مصر؟
الثروة الحيوانية.. أمن قومي
الثروة الحيوانية ليست رفاهية، بل هي مصدر أساسي للحوم والألبان، وركيزة في صناعة الدواجن والأسماك، ومصدر دخل لملايين المربين والفلاحين. كما أن سلامة هذه الثروة تعني حماية غذاء المصريين من الأمراض والأوبئة، وتقليل الاعتماد على الاستيراد الذي يستنزف العملة الصعبة.
دور الطبيب البيطري يتجاوز الحيوان
الطب البيطري ليس فقط لعلاج الحيوانات، بل هو خط الدفاع الأول ضد الأمراض المشتركة بين الحيوان والإنسان (مثل إنفلونزا الطيور وحمى الوادي المتصدع)، وهو حائط الصد الذي يمنع تسلل الأوبئة إلى غذائنا وصحتنا. وفي الوقت الذي يزداد فيه الوعي العالمي بارتباط صحة الإنسان بصحة الحيوان، يبقى تجاهل هذا القطاع في مصر فجوة خطيرة في منظومة الأمن الصحي والغذائي.
غياب القيادة السياسية المتخصصة
حاليًا، وزارة الزراعة تدار بمنطق الأولوية للمحاصيل الزراعية، بينما نواب وزير الزراعة جميعهم من خلفيات زراعية، دون أن يكون من بينهم طبيب بيطري واحد. وهذا انعكس على ضعف الاهتمام بمشروعات الثروة الحيوانية، وتراجع برامج تنميتها، وتجميد بعض المشروعات الواعدة مثل مشروع “البتلو” الذي كان قادرًا على سد فجوة اللحوم في السوق المحلي.
رسالة للرئيس السيسي
سيادة الرئيس.. إذا كنا جادين حقًا في مضاعفة الثروة الحيوانية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم والألبان، فلابد من وزارة مستقلة للطب البيطري، أو على الأقل تعيين نائب وزير للطب البيطري يتمتع بالصلاحيات الكاملة، ويكون من الكوادر العلمية الوطنية المتخصصة في هذا المجال.
فوائد تعيين وزير للطب البيطري
1. وضع خطط قومية لزيادة أعداد الماشية والدواجن والأسماك.
2. تطوير البحث العلمي البيطري، وتحويله لبرامج تطبيقية لزيادة الإنتاج.
3. تعظيم مشروع البتلو وغيره من المشروعات القومية.
4. تحسين منظومة التحصينات والوقاية للحد من الأمراض.
5. فتح أسواق تصدير للحوم والمنتجات الحيوانية المصرية.
الوقت يمر والمستقبل ينتظر
إن تعيين وزير أو نائب وزير للطب البيطري ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية عاجلة. فالأمن الغذائي لا يتحقق بالشعارات، بل بالخطط المدروسة والقيادات المتخصصة. ومصر بما تملكه من أرض وشمس وخبرة يمكن أن تكون مركزًا إقليميًا لإنتاج وتصدير اللحوم والألبان، إذا توفرت الإرادة السياسية والدعم المؤسسي.