بالتأكيد النائب احمد عبدالجواد لا يعرفني شخصيا، ولست من هواة النفاق السياسي والمبالغة والتملق، ودون مقدمات طويلة وتلاعب بالألفاظ وبشكل مباشر كوني مؤرخا ولي رصيد من العمل الصحفي والإعلامي، فإني اقترح أن تُقدم جائزة أوسكار السياسة المصرية للنائب أحمد عبدالجواد، ولي أسبابي ومعطياتي الخاصة.
قديما وفي نهاية الربع الأخير من القرن التاسع أواخر حكم الخديوي إسماعيل، كان من أبرز العلماء والمثقفين والسياسين رفاعة باشا الطهطاوي وعلي باشا مبارك، والشخصية الدستورية الراقية أبو الدستور المصري رئيس الوزراء محمد شريف باشا والذي كان معاصرا لأحداث الثورة العرابية، في فترة كانت جمعية حلوان تمثل وجهة الوطنية المصرية بمثقفيها ومجموعة العسكريين الوطنيين كمحمود سامي البارودي وعلماء الدين والثقافة المتنورين وقتها كالشيخ محمد عبده وكقاسم أمين وغيرهم، والأعيان وكبار الملاك الزراعيين السياسين، مرورا فيما بعد بزعماء الحزب الوطني مصطفي كامل ومحمد فريد، وسعد باشا زغلول زعيم الوفد حتي مصطفي باشا النحاس، ودسوقي باشا أباظة وإبراهيم باشا عبدالهادي وعلي باشا ماهر ، وحتي السنوات الأخيرة في نهاية القرن العشرين والأولي من القرن الواحد والعشرين برزت بعض الشخصيات ذات الأهمية السياسية والوطنية.
هذه السنوات الطوال كانت نضالات من أجل الحرية والاستقلال سواء عن الأتراك ثم الإنجليز، ومن أجل إعداد الدستور وتشكيل مجلس نواب علي النسق الأوروبي، وحينها برزت هذه الشخصيات السياسية والعلمية والثقافية، والتي عند تقيمنا لها سنري سياسة حقيقية ووعي كبير للمواطن المصري سواء بسيطا كان أو متعلما، غنيا أو فقيرا، وهنا أشير إلي المصري المتعلم والمثقف والواعي رغم كل الصعوبات والتحديات السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية في الداخل والخارج، لكن كان مناخا يُظهر جمال وعمق الشخصية المصرية الواعية في لحظات التحدي والصمود والتعبير .
وما أعنيه هنا دون أن يطلق عليا البعض الرصاص أن الثقافة الفكرية والسياسية والدستورية حاليا أصبحت في تعداد الأموات إلا من رحم ربي، هذا المناخ الصعب في فترة فارقة من التاريخ المصري يأتي بعد ثورتين متتاليتين وتحديات وضغوطات إقليمية ودولية شديدة الحساسية والصعوبة، فإننا في وضع يُرثي له سياسيا فمتصدري المشهد والراغبين فيه علي أكثريتهم ليسوا بقدر كبير من الكفاءة العالية، وإن وجدت بعض الكفاءات التي لا تُنكر، لكن في ظل هذه الأجواء العصيبة ويأتي هذا الرجل وأعني هنا النائب أحمد عبدالجواد أمين حزب مستقبل وطن وهو حزب الأغلبية كما نعلم، ويستطيع بحكمة أن يعلن عن مبدأ المشاركة لا المغالبة سواء في قائمة وطنية أو علي الفردي في مسرح الانتخابات الحالي، فهذه كفاءة نادرة وشهادة تقدير واحترام يستحقها بكل جدارة.
يأتي ذلك في ظل التناقضات والمفارقات التي ذكرتها سالفا، فهو نجاح باقتدار وتميز لابد أن يتابع عن كثب، فمن السهل أن تُدير مشهد سياسي في جو ومناخ هادئ مستنير، ولكن من الصعب جدا في المتاح والمعروض الآن، وفي ظل رغبة عميقة للمواطن المصرى الذي يسعي دائما للأفضل وحياة كريمة له ولأسرته.
النائب أحمد عبدالجواد يُدير هذا المشهد بمعطياته الحالية ،ويُوجه في نفس الوقت رسالته للمواطن المصرى أنه في النهاية هو المقياس والترمومتر الحقيقي الفعال سواء لأي حزب أو ائتلاف كان ومستقلين ومعارضين، فالشارع هو صاحب القرار، وهي رسالة واضحة أنهم يحاولون ويجتهدون والقرار في النهاية للمواطن، وهنا في هذه اللحظة تستطيع أن تحكم علي هذا الشخص الذي يقول لا شئ مضمون وأن الضمانة الوحيدة للشارع بالمفهوم الشعبي والسياسي ، والذي يُريد أن يلمس خدمات خاصة كانت أو عامة وتشريعات وقوانين ومشروعات وطنية صادقة تدعم الدولة ورئيسها البطل عبدالفتاح السيسي.
في الحقيقة لا يوجد إنسان فوق النقد، لكن انتقد كما شئت فهذا حقك ولكل إنسان حقه في التعبير اللفظي والعملي والتغيير كما يري، لكن بموضوعية وحيادية، فالمناخ السياسي صعب للغاية والزمان مُتغير ومختلف، وقدرة هذا الرجل علي صُنع ما يحدث في الفترة السابقة والحالية لشئ يستحق جائزة الأوسكار في السياسية المصرية، ولولا أنه شخصية تتسم ب الذكاء والفكر والوعي لكانت طلقات النقد أكثر بذلك بكثير، ولكنه استطاع بحكمة وحنكة وبعلم ووعي وفكر إدارة هذا المشهد باقتدار، ولو أن عظماء السياسة الذين تحدثت عنهم في البداية بيننا أعتقد لشاركوني ع الأقل الاعجاب والاهتمام به وبمواهبه وقدراته التي لا تُنكر.








