كتب احمد عسله
في مشهد علمي مهيب يليق بقيمة البحث التاريخي وجلال المعرفة، شهدت كلية الآداب بجامعة الزقازيق يوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 مناقشة رسالة الماجستير المقدمة من الباحث أحمد حسانين أحمد محمد في قسم التاريخ والحضارة الإسلامية والتي جاءت بعنوان”اليهود في مملكة غرناطة في عصري بني الأحمر (630-897هـ / 1233-1492م)”،
وحصل بموجبها الباحث على درجة الماجستير بتقدير ممتاز وسط إشادة واسعة من اللجنة والحضور.
رسالة علمية تُعيد قراءة التاريخ بعيون منصفة
تناولت الرسالة دراسة متكاملة لتاريخ اليهود في الأندلس عامة ومملكة غرناطة خاصة خلال حكم بني الأحمر، وهو العصر الأخير للحكم الإسلامي في الأندلس.
وانطلقت الدراسة من منهج تحليلي مقارن جمع بين التأصيل التاريخي الدقيق والتحليل النقدي الواعي، لتقدّم رؤية جديدة ومتكاملة حول أوضاع اليهود في تلك الحقبة من حيث أنشطتهم السياسية والاقتصادية والدبلوماسية ودورهم في بنية المجتمع الغرناطي.
كشفت الدراسة بوضوح أن الحكام المسلمين اتسموا بسماحة وعدلٍ نادرين في التعامل مع اليهود مما أتاح لهم فرصًا واسعة للاستقرار والازدهار ومكنهم من الوصول إلى مناصب إدارية وعلمية مرموقة داخل المملكة الإسلامية قبل أن تنقلب الموازين بسقوط غرناطة عام 1492م وصدور قرار الطرد النهائي لليهود من إسبانيا.
منهج أكاديمي رصين ومصادر نادرة
اعتمد الباحث في دراسته على مجموعة من الوثائق والمراجع الأجنبية والإسبانية الأصلية التي لم تُتناول من قبل في الدراسات العربية مما أضفى على الرسالة طابعًا توثيقيًا متميزًا.
تميزت فصول الرسالة بالجمع بين الدقة الأكاديمية وجمال العرض حيث تناول الباحث بنية المجتمع الغرناطي، ودور اليهود في الحياة الفكرية والثقافية، وصولاً إلى علاقتهم المعقدة بالمسيحيين خلال فترة الصراع الطويل بين الإسلام والمسيحية في شبه الجزيرة الإيبيرية.
لجنة من كبار الأساتذة
تكوّنت لجنة الحكم والمناقشة من نخبة مميزة من أساتذة التاريخ الإسلامي والحضارة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن علي بشير أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية ورئيس قسم التاريخ الأسبق بكلية الآداب جامعة الزقازيق (مشرفًا ورئيسًا للجنة) الأستاذ الدكتور عبير زكريا سليمان أستاذ التاريخ الإسلامي ووكيل كلية الآداب جامعة بورسعيد للدراسات العليا والبحوث سابقًا (مناقشًا) الدكتور فريد عبد الرشيد المهندس أستاذ مساعد التاريخ الإسلامي بكلية الآداب جامعة الزقازيق (مناقشًا).
عبّر أعضاء اللجنة عن تقديرهم الكبير لمستوى الباحث العلمي مشيرين إلى أن الرسالة جاءت نموذجًا يُحتذى به في الدقة والجدية والاعتماد على مصادر أولية نادرة مؤكدين أنها تمثل إضافة مهمة للمكتبة العربية والإسلامية في مجال دراسات الأندلس.
حضور علمي متميز وتفاعل ثري
شهدت قاعة المناقشات بالكلية حضورا نوعيا من أساتذة الجامعات والباحثين وطلاب الدراسات العليا حيث ساد جوّ من الحوار العلمي الرفيع تخلله نقاش معمّق حول محاور الرسالة ونتائجها وتوصياتها.
أشاد الحضور بقدرة الباحث على الدفاع عن أطروحته بلغة علمية راقية، واستحضاره لمصادر متعددة باللغتين العربية والإسبانية، مما عكس إلمامًا واسعًا بالمادة التاريخية ووعيًا نقديًا متطورًا.
أهمية الدراسة في فهم العلاقة بين الأديان والحضارات
تُعد هذه الرسالة من الدراسات القليلة التي تتناول بموضوعية تاريخ اليهود في ظل الحكم الإسلامي، إذ أبرزت الوجه الإنساني والحضاري للإسلام، الذي ضمن لغير المسلمين الأمن والحقوق والاحترام المتبادل.
كما تُعيد هذه الدراسة التذكير بقيمة التسامح الديني في التجربة الإسلامية بالأندلس، وكيف أسهم في بناء حضارة راقية امتزجت فيها الثقافات واللغات والمعارف.
كلية الآداب منارة علمية تواصل العطاء
في ختام المناقشة أكدت كلية الآداب بجامعة الزقازيق برئاسة عميد الكلية الاستاذ الدكتور هبة محمد علي ان هذه الرسائل العلمية تُجسد الدور الرائد للجامعة في دعم البحث الأكاديمي الجاد وتخريج كوادر علمية مؤهلة قادرة على إحياء التراث الإسلامي برؤية معاصرة تسهم في إثراء الفكر العربي والإسلامي.
أكدت الكلية أن حصول الباحث أحمد حسانين على درجة الماجستير بتقدير «ممتاز» يمثل تكليلا لجهد سنوات من البحث والمثابرة والانضباط العلمي، مشيدةً بإشراف الأساتذة الكبار ودورهم في توجيه الباحثين نحو الدقة والمنهجية في العمل الأكاديمي.
كلمة شكر ووفاء
في نهاية الجلسة عبّر الباحث أحمد حسانين عن خالص امتنانه للجنة الموقرة ولأساتذته الذين دعموا مسيرته العلمية بكل إخلاص مؤكدا أن هذا النجاح ليس تتويجًا لمسار شخصي فحسب بل هو امتداد لمسيرة كلية الآداب التي تزرع في طلابها حب البحث وحرفة العلم.








