مصر بطبيعتها بلد كريم فتح ذراعيه عبر التاريخ لكل من ضاقت به الأرض لكن الكرم شيء والأمن القومي شيء آخر لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تُدار ملفات اللاجئين والعابرين على أرضنا بالنيات الطيبة وحدها فزمن العواطف المطلقة انتهى وحان وقت السياسات الواضحة والحدود الصارمة.
لقد تحملت مصر فوق طاقتها ودفعت ثمن إنسانيتها في كثير من الملفات لكن لا يجوز أن تتحول أراضيها إلى ساحة مفتوحة للغموض الأمني أو النشاطات المشبوهة تحت لافتة “اللجوء الإنساني” فالتاريخ القريب يعلمنا أن الإرهاب غالبا ما يتسلل من منافذ الرحمة وأن التنظيمات التي عبثت بسوريا والعراق وليبيا لا تعرف الرحمة ولا الوطن.
لسنا ضد من لجأ فرارا من الموت ولا ضد امرأة فقدت بيتها أو طفل يبحث عن الأمان عندنا لكننا ضد التسيب الذي يسمح لمن يختبئون خلفهم أن يستقروا بيننا بلا هوية ولا رقابة فمصر ليست فندقًا بلا إدارة ولا دار إيواء بلا قانون هي دولة صاحبة سيادة وحدود وكرامة وعليها واجب أن تميز بين الضيف الحقيقي والمندس الخطر.
المطلوب اليوم رؤية شاملة تبدأ من تسجيل دقيق لكل وافد مرورا بفحص أمني شامل وانتهاء بخطة إدارة متكاملة تضمن أن تظل الكلمة العليا للأمن الوطني لا لأي جهة أخرى.
نحن لا نتحدث عن قسوة أو عنصرية بل عن عقل دولة تحمي شعبها فالعالم كله يطبق سياسات حازمة تجاه الهجرة واللجوء ولا أحد يتهمه بقسوة فلماذا نُلام حين نطالب بحماية حدودنا ومجتمعنا من تسللات فكرية أو مالية أو إرهابية؟
من الضروري كذلك أن تتحرك مؤسسات الدولة الإعلامية والمدنية لتوضيح الصورة لأن الغضب الشعبي حين يُترك بلا توعية يتحول إلى احتقان والاحتقان يفتح الباب للفتن كما أن المواطن المصري له كل الحق في أن يقلق لكن دوره يجب أن يكون داعما للوعي لا مروجا للكراهية فالمشكلة ليست في اللاجئين كأفراد بل في غياب المنظومة التي تفرز الخطر من البريء.
كما يجب أن يُطرح هذا الملف على المستوى الدولي فمصر لا يمكنها أن تتحمل وحدها كلفة إنسانية بهذا الحجم بينما تغضّ الدول الكبرى الطرف عن جذور الأزمة التي صنعت النزوح العدالة ياسادة تقتضي أن تتحمل القوى الدولية مسؤولياتها تجاه إعادة الإعمار وضمان العودة الآمنة لكل نازح إلى وطنه الأصلي.
ياسادة الضيافة لا تكون على حساب أمن المصريين والرحمة لا تعني التساهل في وجه الخطر ومصر التي احتضنت الجميع لا تقبل أن يُستغل احتضانها في تهديد أمنها واستقرارها هي سياسة عقل وضمير معا تحمي الإنسان وتحفظ الدولة.
من هنا فإن الرسالة واضحة لا تحتمل المجاملة نحن في حاجة إلى قرار سياسي وتنفيذي عاجل يعيد ضبط المشهد من جذوره.
على الحكومة أن تُعلن صراحة عن سياسة وطنية شاملة لملف اللاجئين تشمل التسجيل المراقبة الفحص والتنظيم وتضع معايير واضحة للفصل بين المستحق والمشبوه.
وعلى الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يواصل ما بدأه من صون لهيبة الدولة وحماية لحدودها بتوجيه واضح لا لبس فيه بان الأمن القومي المصري ليس مجالا للتجربة أو التهاون.
كل من يعيش على أرض مصر مرحب به ما دام يحترم قانونها وأمنها أما من يتاجر باللجوء أو يعبث بالاستقرار، فمكانه خارج حدودنا.
هذا هو صوت المصريين الصادقين نرحم من يستحق الرحمة ونحمي وطننا من كل خطر ونؤمن أن مصر لا تُهدد بل تُحترم. .








