وجع السودان حين يقتل الإخوة بعضهم
الألم يعتصر القلوب ونحن نرى السودان بلد النيلين والجمال، والتاريخ يغرق في دوامة من الدم والدمار.
المأساة لا تأتي من عدو خارجي بل من داخل البيت الواحد.من مليشيا خرجت من رحم النظام لتتحول إلى وحش يلتهم الدولة التي أنجبته.
البشير و”حميدتي” حاكم صنع جلاده بيده
حين أسس عمر البشير ما سُمي بـ”قوات الدعم السريع” كان يظن أنه يؤمّن حكمه من الانقلابات فاختار لرئاستها رجلًطا لا علاقة له بالعسكرية اسمه محمد حمدان دقلو “حميدتي”صاحب سجل طويل في تجارة السلاح والبشر والذهب والاجرام ومنحه رتبة لواء فصار زعيم عصابة يحمل صفة عسكرية ومن هنا بدأت الكارثة.
فقد تحولت “الدعم السريع” إلى كيان مستقل لا يأتمر بأوامر الجيش وصارت دولة داخل الدولة تملك المال والسلاح والإعلام والعلاقات الخارجية وحين سقط البشير بقي الوحش حرا طليقا فبدأ يلتهم السودان قطعة قطعة.
دارفور جرح مصر وإفريقيا المفتوح
في دارفور لا تُزهق الأرواح فقط بل تُنتهك الكرامة الإنسانية نجد القتل على الهوية الاغتصاب كأداة حرب والحرق الجماعي للعائلات.
دارفور اليوم ليست مجرد منطقة منكوبة بل رمز لانهيار فكرة الدولة حين تُستبدل بالقوة المليشياوية.
وما يزيد الألم أن الجرائم تُرتكب أمام كاميرات العالم دون أن تهتز ضمائر القوى الكبرى التي كانت تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان.
المليشيات لعنة تتكرر من بيروت إلى الخرطوم
ما يحدث في السودان ليس استثناء ففي لبنان قام “حزب الله” بدور الدولة داخل الدولة فشلّت السيادة وضاع القرار.
وفي سوريا تحولت المليشيات إلى أدوات دمار وتم جر البلاد إلى حرب أهلية لا تنتهي.
وفي العراق انقسمت الدولة بين “الحشد” و”الجيش” فضاعت الدولة نفسها وفي ليبيا صار السلاح لغة التفاهم الوحيدة.
وفي مصر حين استعان السادات بجماعات الإسلام السياسي لضرب اليسار عادوا فاغتالووووه.
التاريخ لا يرحم والدروس لا تتغير فكل من يستعين بمليشيا يزرع فوضى تحرقه قبل غيره.
لا دولة مع سلاحين
السيادة لا تتجزأ والولاء لا يُشترى فحين يرفع أكثر من طرف السلاح داخل حدود الدولة فانتظر النهاية فالسلاح الواحد هو عنوان الدولة الواحدة والجيش الموحد هو صمام الأمان الأخير فمن يستبدل جيشه بمليشيا يستبدل النظام بالفوضى ومن يظن أنه سيحكم بالبندقية الموازية يكتب بيده شهادة وفاة وطنه.
مصر والسودان أمن واحد ومصير مشترك
مصر لا يمكنها أن تنظر إلى ما يحدث في السودان ببرود فالأمن القومي المصري يمتد حتى الخرطوم والمياه التي توحدنا أقوى من أي حدود.ومن هنا فإن دعم وحدة الجيش السوداني ورفض أي كيان مسلح موازٍ هو موقف مبدئي وأمني وأخلاقي في آن واحد.
ياسادة ياافاضل يامحترمين حين يُمنح السلاح لمن لا يستحق وحين يُستبدل الانتماء بالعقيدة وحين تُصنع الجيوش من الولاءات لا من الشرف تكون النهاية كما نراها الآن في السودان.
اللهم ارحم ضحايا دارفور وانصر المظلومين
واهدم برج الكراهية الذي بُني على عظام الأبرياء وأعد للسودان وشعبه الأمن والوحدة والكرامة…








