فلسطين ليست حربًا ولكن مشروع أمة بقلم احمد عسله
لطالما حُصرت القضية الفلسطينية في مشهد الحرب والمقاومة وكأنها مجرد نزاع عسكري أوصراع حدود لكن الحقيقة أعمق وأبعد من ذلك بكثير ففلسطين ليست مجرد ساحة معركة بل هي مشروع أمة واختبار لوعي الشعوب ومحور رئيسي في صياغة مستقبل المنطقة وهويتها ففلسطين رمز الهوية العربية والإسلامية
ولم تكن فلسطين يومًا مجرد قطعة أرض يتنازعها طرفان بل هي نقطة التقاء الحضارات وملتقى الديانات وجذر أصيل في تكوين الأمة العربية والإسلامية.
فمنذ فجر التاريخ كانت فلسطين مهد الرسالات وحاضنة المقدسات ومركزًا للتحولات الكبرى التي رسمت ملامح المنطقة.
ياسادة إن اعتبار القضية الفلسطينية مجرد نزاع عسكري هو تقزيم لدورها الحقيقي فهي تمثل معركة هوية وكرامة حيث يدرك كل حرٍّ في العالم أن القضية الفلسطينية تعني أكثر من مجرد وطن مسلوب بل تعني مقاومة الظلم والدفاع عن المبادئ والإصرار على الحق رغم العقود الطويلة من الاحتلال والتآمر.
تعالوا نتحدث عن المشروع الصهيوني في مواجهة مشروع الأمة ونقول لم يكن احتلال فلسطين مجرد اجتياح عسكري بل كان جزءًا من مشروع استعماري كبير هدفه تفكيك الأمة وتشتيت وحدتها وفرض واقع جديد يخدم مصالح القوى الكبرى. فالاحتلال الصهيوني لم يستهدف الأرض فقط بل سعى إلى طمس الهوية وتزوير التاريخ وفرض رواية جديدة تُنكر حق الفلسطينيين في وطنهم المسلوووب..
في المقابل فإن استعادة فلسطين لا تتم فقط عبر المواجهة العسكرية بل تحتاج إلى مشروع نهضوي متكامل يعيد للأمة مكانتها ويقوّي وحدتها ويبني مستقبلًا قائمًا على الوعي والتنمية والتخطيط الاستراتيجي.
إن تحرير فلسطين هو جزء من نهضة الأمة ولا يمكن أن يتم في ظل التبعية والتفكك والتراجع الحضاري.
نعم فلسطين اختبار حى وحقيقى لوحدة الشعوب وصدق المواقف فالقضية الفلسطينية كانت ولا تزال ميزانًا لصدق الشعوب والحكومات فمن وقف مع فلسطين بحق وقف مع العدل والحرية والكرامة. ومن تخلى عنها كشف عن هشاشة موقفه وانسلاخه عن قضايا أمته.
فلسطين ليست مجرد مسألة تخص الفلسطينيين وحدهم بل هي مسؤولية كل عربي ومسلم وكل إنسان حر في العالم يؤمن بعدالة القضية وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
السؤال كيف نُعيد فلسطين إلى مشروع الأمة؟ بالوعي أولًا: فلا بد من ترسيخ الوعي الحقيقي حول القضية الفلسطينية بعيدًا عن التزييف الإعلامي والدعايات التي تسعى إلى تصويرها كملف معقد بلا حل.
ثانيا الوحدة والتكاتف: لا يمكن مواجهة المشروع الصهيوني في ظل الانقسامات والصراعات الداخلية فوحدة الصف العربي والإسلامي هي المفتاح الأساسي لأي مشروع نهضوي يشمل تحرير فلسطين.
ثالثا المقاومة الشاملة: المقاومة لا تعني فقط السلاح بل تعني العمل السياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي والتكنولوجي فكل أمة متقدمة وقوية هي أمة قادرة على استعادة حقوقها.
رابعا التربية والتنشئة: لا بد من تنشئة الأجيال على حب فلسطين وفهم قضيتها وربطها بالهوية والتاريخ حتى لا تتحول إلى مجرد ذكرى في كتب التاريخ.
ففلسطين ليست حربًا مؤقتة تنتهي باتفاق أو معاهدة بل هي مشروع أمة يجب أن يُبنى على أسس القوة والوعي والوحدة.
إن طريق تحرير فلسطين لا يبدأ من ساحات القتال فقط بل من العقول التي تعي دورها والقلوب التي تؤمن بعدالة قضيتها والشعوب التي ترفض الخضوع وتتمسك بحقها في تقرير مصيرها.
فلسطين ليست معركة حدود بل معركة وجود… وهي قضية لا تموت إلا إذا ماتت الأمة ..