الملك فيصل والرئيس السادات.. وجهان للبطولة والوطنية بقلم احمد عسله
الملك فيصل بن عبد العزيز والرئيس أنور السادات، قائدان عربيان شكّلا وجهين لنضال مشترك في الدفاع عن القضايا العربية، خصوصًا القضية الفلسطينية. كلاهما كان نموذجًا في الوطنية والذكاء السياسي، حيث جمعهما الإخلاص لشعبيهما وفهمهما العميق للواقع الدولي، وقدرتهما على اتخاذ قرارات جريئة ترسم مسار التاريخ.
فيصل والسادات: تحالف الأخوة والسياسة
عندما قرر الرئيس السادات خوض معركة استرداد الكرامة في حرب أكتوبر 1973، كان الملك فيصل الداعم الأساسي لمصر، حيث استخدم سلاح النفط لشلّ الاقتصاد الغربي الذي يدعم إسرائيل. كان يدرك أن القوة الاقتصادية يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تغيير موازين القوى، كما كان السادات يدرك أن القوة العسكرية وحدها لن تكون كافية لتحقيق النصر دون دعم عربي قوي.
موقف فيصل من الاحتلال الإسرائيلي
في لقاء تاريخي جمعه بالرئيس الفرنسي شارل ديغول، أبدى الملك فيصل ذكاءً استثنائيًا وقدرة على الجدل السياسي، حين واجه ديغول بمنطقه القوي، مؤكدًا رفضه الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي، ومشبهًا ذلك بما فعلته ألمانيا في باريس أثناء الحرب العالمية الثانية. أحرج ديغول بعباراته القوية والمنطقية، ليصل إلى جوهر القضية الفلسطينية، مفندًا الادعاءات الصهيونية حول “الحق التاريخي” في فلسطين.
قرار قطع البترول ونصر أكتوبر
حينما دعمت الولايات المتحدة إسرائيل في حربها ضد مصر وسوريا، لم يتردد الملك فيصل في اتخاذ قرار مصيري بقطع البترول عن أمريكا، مما أدى إلى أزمة طاقة خانقة ضربت الاقتصاد الأمريكي، وأثبت بذلك أن النفط سلاحٌ يمكن استخدامه للدفاع عن قضايا العرب. في الوقت نفسه، كان السادات يقود معركة التحرير على الجبهة العسكرية، ويحقق نصرًا غير مسبوق أعاد للعرب الثقة بأنفسهم.
إرث فيصل والسادات ونهجهما في الدفاع عن الأمة
ظل الملك فيصل والرئيس السادات صوتين صارخين في وجه الظلم، مدافعين عن قضايا الأمة حتى دفعا حياتهما ثمنًا لمواقفهما الجريئة. لم يكونا مجرد قائدين، بل كانا رمزين للعزة والكرامة، ولم يرضخا لضغوط القوى العظمى، بل واجهاها بحنكة وشجاعة استثنائية.
رحم الله الملك فيصل والرئيس السادات، فقد كانا نموذجين للقائد العربي الذي يضع قضايا أمته فوق كل اعتبار، وسجلا اسميهما بحروف من نور في صفحات التاريخ…