ترامب وإدارة الدولة..هناك فارق بين السلطة والهيمنة بقلم احمد عسله
تمر الولايات المتحدة الأمريكية بأزمات اجتماعية واقتصادية متزايدة، تزامنًا مع سياسات الرئيس دونالد ترامب التي أثارت جدلاً واسعًا داخليًا وخارجيًا. فبين أزمات الرهن العقاري، وارتفاع أسعار الغاز، ونقص السلع الأساسية، وتقليص ميزانية البحث العلمي، وتسريح آلاف الموظفين الحكوميين، تتجلى حالة من السخط الشعبي، انعكست بوضوح في أحدث استطلاعات الرأي التي نشرتها مجلة “الإيكونوميست”، والتي أظهرت أن 52% من الأمريكيين لديهم نظرة سلبية تجاه ترامب.
السياسة بين الإدارة والفرض بالقوة
إن الفرق بين إدارة دولة بحجم الولايات المتحدة وإدارة شركة يكمن في أن الدول تُدار وفقًا لمبادئ الدبلوماسية والاحترام المتبادل، وليس من خلال فرض الرؤى بالقوة أو التهديد بالعقوبات. فالعلاقات الدولية لا تتماشى مع أسلوب الهيمنة والاستعلاء، بل تتطلب توازنًا دقيقًا بين المصالح المشتركة واحترام سيادة الدول الأخرى.
التراجع عن مقترحات غير مدروسة
إحدى أبرز الأمثلة على ذلك هو التراجع عن مقترح تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، حيث واجه رفضًا عالميًا حتى من أقرب حلفاء الولايات المتحدة. هذا التراجع لم يكن مجرد تصحيح للمسار، بل درسًا في أن فرض الحلول بالقوة لن يؤدي إلا إلى العزلة السياسية والإضرار بالمكانة الدولية للدولة.
مصر والرد الحاسم على التهديدات
لقد أكدت مصر عبر التاريخ أنها لا تقبل التهديدات ولا الإملاءات، وأن لديها ثوابت وطنية لا تتهاون في الدفاع عنها. تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2016 بأن “من يقترب من مصر سيتم إزالته من فوق الأرض”، تجسد هذه السياسة الحازمة. وبالتالي، فإن أي محاولة للتدخل في الشأن المصري أو فرض رؤى معينة على المنطقة ستواجه بردود حاسمة تعكس قوة الإرادة السياسية لمصر.
دروس يجب أن يتعلمها ترامب
أن فرض الآراء بالقوة يؤدي إلى نتائج عكسية ويؤثر سلبًا على مكانة الولايات المتحدة عالميًا.
أن احترام سيادة الدول والتعاون الدولي هو السبيل الوحيد للحفاظ على العلاقات الدبلوماسية المستقرة
أن التركيز على حل الأزمات الداخلية أكثر أهمية من محاولة فرض السيطرة الخارجية.
أن الأخطاء في السياسات يجب أن تكون فرصة للتعلم، وليس مجرد عقبات يتم تجاوزها دون استخلاص الدروس منها.
لا عيب في أن يخطئ القادة لكن العيب هو عدم التعلم من الأخطاء. إن مقومات إدارة الدول تختلف جذريًا عن إدارة الأعمال، وتتطلب رؤية بعيدة المدى تعتمد على الحكمة والتخطيط السليم. لقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن السياسة التي تعتمد على الهيمنة والتهديد بالعقوبات لن تؤدي إلا إلى تعقيد المشهد الدولي، وهو درس على الإدارة الأمريكية أن تعيه جيدًا.