عندما يصبح السباب “ثقافة”.. هل ضاعت الأخلاق في المدرجات؟ بقلم احمد عسله
كرة القدم ليست مجرد لعبة بل حالة مجتمعية تعكس أخلاق الشعوب وثقافتها. وفي الوقت الذي ينبغي أن تكون فيه الرياضة مساحة للتنافس الشريف تحولت بعض المدرجات إلى ساحات صراع تتجرد من القيم يتصدرها العنف اللفظي والسباب الفاحش والتطاول على الأعراض وكأننا أمام مخطط منظم لضرب كل ما هو نبيل في المجتمع.
ما حدث مع إمام عاشور ليس مجرد تجاوز أو هتافات انفعالية بل حالة ممنهجة من الانحطاط الأخلاقي يبررها البعض وكأن الوقاحة أصبحت “حقًا مكتسبًا” ويرددون: “ما هو جمهور الأهلي كان بيعمل كده مع شيكابالا ورمضان صبحي!” وكأننا أمام قاعدة شيطانية مفادها: “إذا أخطأ غيري فمن حقي أن أخطئ”!
لكن السؤال الأهم: لماذا لم يتعرض لاعبون آخرون مثل عبدالله السعيد وناصر ماهر وغيرهم لنفس الموجة من السباب والتجريح؟ لماذا يتحول البعض إلى هدف مستباح بينما يمر آخرون بسلام؟ هل الأمر مجرد صدفة؟ أم أن هناك من يصنع الفوضى عمدًا ويريد أن تصبح البذاءة قاعدة ثابتة؟
حين يُحاصر النُبل ويُعظم القبح
الأخطر من السباب ذاته هو محاولات “تقنينه” وتبريره فبدلًا من أن نحاصر السلوكيات المنحطة وندعم الأخلاق الرياضية نجد من يحاول إعطاءها شرعية ويقول بلا خجل: “هو احنا هنكون ملايكة؟”
وهنا يصبح المشهد كالتالي:
✅ الجمهور الذي يشجع باحترام يُتهم بالسذاجة!
✅ من يدعو للتهذيب يُتهم بالمثالية الزائدة!
✅ من يطالب بالعقوبات يُتهم بالتحامل والكيل بمكيالين!
وهكذا يضيع الحق بين فوضى التبريرات ويُطعن في شرف الرياضة باسم “المعاملة بالمثل”!
المنظومة.. أين أنتِ؟
المدهش أن بعض الجهات التي يُفترض أن تكون حامية لقيم الرياضة تقف موقف المتفرج! فبدلًا من فرض قوانين صارمة توقف هذا الانفلات الأخلاقي نجد قرارات ضعيفة ومجاملات فجّة وكأنها ترعى هذا الانحدار بدلًا من التصدي له.
العقوبة التي وُقعت على جمهور الزمالك – رغم استحقاقها – لم تكن حازمة بالشكل الكافي فالأمر لم يعد مجرد تجاوزات معزولة بل ثقافة يجب استئصالها من جذورها.
الرسالة الأخيرة.. متى نستفيق؟
كرة القدم في مصر لن تتقدم إلا إذا عدنا إلى القيم الحقيقية للرياضة ورفضنا أن تتحول المدرجات إلى منابر للسباب والوقاحة.
بالطبع لا أحد يطالب بإلغاء الحماس أو الحد من المنافسة لكن هناك فرقًا بين التشجيع والتجريح بين الروح الرياضية والانحطاط الأخلاقي.
فإذا لم تستفق المنظومة الرياضية وتتحرك بقوة لردع كل تجاوز فإننا قادمون على مرحلة لن يكون فيها متهم واحد بل سيصبح الجميع شركاء في الجريمة!