كان من المفترض أن تكون مباراة القمة بين الأهلي والزمالك عرسًا كرويا كبيرا يجمع بين قطبي الكرة المصرية في أجواء تنافسية شريفة بعيدًا عن أي مهاترات أو ألاعيب في الكواليس. لكن ما حدث قبل اللقاء وما رافقه من قرارات مثيرة للجدل كشف مجددا عن أزمات متراكمة تعاني منها المنظومة الرياضية وفرض تساؤلات مشروعة حول احترام اللوائح والعدالة في التعامل مع جميع الأطراف.
الأهلي النادي الأكبر والأكثر تتويجا محليا وقاريا لم يطلب سوى تطبيق القانون والالتزام بالمراسلات الرسمية التي حددت طاقم التحكيم الأجنبي لإدارة المباراة. لم يكن في موقف ضعف ولم يسعَ لفرض سيطرته على القرار بل طالب بحقه الذي كفلته له اللوائح وواجه التلاعب بأسلوب حضاري عبر المخاطبات القانونية الرسمية. لكنه فوجئ بأن الأمور تُدار بأسلوب بعيد عن الشفافية وكأن هناك من يصرّ على كسر القواعد وإجباره على قبول الأمر الواقع.
لم يعتذر او ينسحب الأهلي خوفا أو تهربا بل لأنه وجد أن التربص به لا يزال قائما وأن ما جرى لم يكن سوى محاولة مكشوفة للالتفاف على حقوقه. وهنا كان لابد من اتخاذ القرار الحاسم بالاعتذار عن المشاركة في موقف لم يكن الهدف منه سوى حماية النادي من الدخول في متاهة الفوضى والتلاعب.
الحقيقة أن الأهلي لم يتعالى يومًا على أحد ولم يكن سلطة فوق الدولة كما يروّج أصحاب الأجندات بل كان ولا يزال درع مصر الرياضي الأول وسفيرها الذي يحمل رايتها في المحافل القارية والعالمية حتى أصبح منارة ترفع اسم المحروسة بفخر لا يدانيه فخر.
القضية ليست مجرد مباراة بل قضية مبادئ فإما أن نكون في دولة تحترم اللوائح والقوانين أو أن نسمح بتمرير التجاوزات التي تضعف المنظومة وتفتح بابًا للفوضى. الأهلي لم يرفض اللعب لكنه رفض العبث ولم يتخلَّ عن مسؤوليته لكنه رفض أن يكون شريكًا في مهزلة مدبرة سلفًا.
اذا على الجميع أن يفهم أن الأهلي لا يُهزَم خارج الملعب لأن قوته لا تأتي فقط من بطولاته بل من مبادئه وتاريخه واحترامه لنفسه قبل أن يطالب الآخرين باحترامه.