كتب احمد عسله
في إنجاز جديد يضاف إلى سجلها الأكاديمي والنقدي حصدت الدكتورة أسماء عبدالرحمن، أستاذ الأدب الشعبي المساعد بكلية الآداب – جامعة أسيوط المركز الثاني في مسابقة المجلس الأعلى للثقافة – لجنة المسرح الدولية 2024 وذلك عن دراستها النقدية “جوليت… إيزيس العصر الحديث، مقاربات دلالية في البنية الدرامية لمسرحيتي إيزيس لتوفيق الحكيم وروميو وجوليت لشكسبير”.
هذه الجائزة المرموقة تأتي تتويجا لمسيرة أكاديمية حافلة حيث قدمت الدكتورة أسماء عبدالرحمن طرحا نقديا استثنائيا يقارن بين رمزين خالدين في الأدب المسرحي العالمي والمصري عبر تحليل دلالي عميق للبنية الدرامية والتشكيلات الرمزية في المسرحيتين ليكشف كيف تتقاطع الأسطورة مع الحب والمأساة والرموز الثقافية العابرة للزمن.
تعمقت الدراسة الفائزة في تفكيك العناصر المسرحية المشتركة بين العملين، حيث تناول الفصل الأول التقنيات الدرامية في المسرحيتين عبر أربعة محاور رئيسية:
الشخصية: لغز الكينونة والصراعات المتعددة
الحوار: التنوع الإيقاعي وبناء الدراما
الزمكانية: دور الزمن والمكان في تشكيل الحبكة
أما الفصل الثاني فقد ركّز على المقاربات الدلالية في الرموز المسرحية، وناقش:
الرموز الطبيعية ودلالتها في البنية الدرامية
الرموز الاجتماعية والدينية والنفسية في المسرحيتين
بهذه الرؤية النقدية المتعمقة، لم تقتصر الدراسة على التحليل الأكاديمي الجاف، بل أعادت إحياء المسرحين الشكسبيري والمصري في ضوء تأويلات معاصرة، تربط بين النصوص التراثية والتحولات الثقافية الحديثة.
جاء الإعلان عن الفائزين تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة والدكتور أشرف العزازي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، والدكتور سامح مهران مقرر لجنة المسرح ضمن احتفالية كبرى نظمتها اللجنة لتكريم الفائزين في فرعي النصوص المسرحية والدراسات النقدية.
تعد هذه المسابقة واحدة من أهم الجوائز التي أطلقها المجلس الأعلى للثقافة في إطار خطة التنمية المستدامة الهادفة إلى تشجيع المواهب النقدية ودعم الإبداع المسرحي، حيث شهدت مشاركة واسعة من الباحثين والمبدعين في الوطن العربي.
ولم تكن هذه الجائزة الأولى للدكتورة أسماء عبدالرحمن بل تضاف إلى سلسلة من الإنجازات الأكاديمية والنقدية، حيث سبق أن حصدت:
جائزة إبراهيم يقظان الثقافية بالجزائر
جائزة إحسان عبدالقدوس الثقافية
تكريمها كأفضل قيادة نسائية من وزارة الثقافة 2018
كما تمتلك الباحثة رصيدًا علميا غنيا من الإصدارات النقدية والأدبية، منها:
“الحكاية الشعبية في أسيوط.. جمع ودراسة” (الهيئة العامة للكتاب)
“حكاية الحيوان في أسيوط” (هيئة قصور الثقافة)
إلى جانب كونها كاتبة وباحثة تتولى الدكتورة أسماء عبدالرحمن رئاسة تحرير مجلة الحوار الثقافية الصادرة عن إقليم وسط الصعيد الثقافي حيث تسهم في دعم الحراك الأدبي والمسرحي في مصر والوطن العربي.
إن فوزها بهذه الجائزة لا يعكس فقط تألقها الأكاديمي بل أيضا قدرتها على التجديد في منهجيات النقد المسرحي، حيث تقدم رؤية معاصرة للرموز الكلاسيكية، وتعيد تأويلها في سياق تطورات العصر الحديث.
في زمن تتغير فيه المفاهيم المسرحية تبرز أعمال نقدية مثل هذه كأداة لإعادة قراءة الموروث الأدبي وكشف علاقاته المتشابكة مع الواقع الثقافي والسياسي والاجتماعي.
أكد متابعون للحركة النقدية أن هذه الدراسة تمثل إضافة نوعية في مجال تحليل النصوص المسرحية حيث تستلهم مناهج السيميولوجيا والتفكيك والتحليل النفسي لفهم أبعاد الشخصيات والرموز داخل المسرحيتين.
بالتوازي مع إنجازها البحثي تواصل الدكتورة أسماء نشاطها في دعم الأدب الشعبي والفنون المسرحية، سواء من خلال أبحاثها الأكاديمية أو عبر منصاتها الثقافية المختلفة مما يجعلها إحدى أبرز الأصوات النقدية في مصر والعالم العربي.
يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن لهذه الدراسات النقدية أن تسهم في تجديد المسرح العربي؟ فبينما تنهار بعض المسارح التقليدية تظل الحاجة إلى نقد متجدد قادر على استكشاف أبعاد جديدة في النصوص وهو ما تقدمه هذه الدراسة الفائزة بامتياز.
في النهاية يؤكد فوز الدكتورة أسماء عبدالرحمن أن الخطاب النقدي الجاد ما زال قادرا على المنافسة وأن المسرح المصري والعربي برغم كل التحديات لا يزال يزخر بالمفكرين والمبدعين الذين يعيدون رسم المشهد المسرحي برؤى جديدة وأفكار متجددة.