الحياة رحلة قصيرة، أقصر مما نتخيل ومهما بدت لنا ممتدة فإنها في الحقيقة مجرد ومضة في عمر الكون سرعان ما تنطفئ تاركة وراءها الذكرى والأثر. جيل يذهب وجيل يأتي وجيل ينتظر وبين هؤلاء جميعًا نحن نعيش لحظاتنا التي سرعان ما تنقضي، فهل وعينا حقيقتها؟
حقيقة الدنيا وزوالها
كم من أجيال سبقتنا كانت تحلم وتخطط، ثم جاءها الأجل فجأة قبل أن تحقق حتى ربع ما أرادت! الدنيا لا تقف عند أحد، بل تمضي مسرعة غير عابئة بأحلامنا وطموحاتنا، وكأنها تخبرنا كل يوم: “لن أُخلَّد لأحد، ولن يخلد فيها أحد”.
إذا أمعنّا النظر، وجدنا أننا مثل أوراق تتساقط تباعًا من شجرة الحياة، وكلما مر يوم اقتربنا من نهايتنا، حتى يحين الوقت الذي نُسلِّم فيه الراية لمن بعدنا.
ماذا بعد الرحيل؟
حين نُوارى تحت التراب، ويُغلق القبر علينا، ستنتهي الأحلام، وستُطوى الصحف، وسيتحدد المصير الأبدي. وقتها لن تُغني عنا الدنيا شيئًا، ولن تنفعنا إلا أعمالنا الصالحة، التي ربما لم نكن نعطيها اهتمامًا كافيًا في حياتنا.
كلما زاد وعينا بهذه الحقيقة، أدركنا أن الفرصة لا تزال في أيدينا، وأن كل نفس نتنفسه هو هدية من الله لنتدارك ما فات، ونتزود لما هو آت.
دعوة للتغيير قبل فوات الأوان
طالما بقي في العمر بقية، فلنستغلها في عمل الخير، وترك الأثر الطيب، والتقرب إلى الله، قبل أن يأتي اليوم الذي نقول فيه: “رب ارجعون لعلي أعمل صالحًا فيما تركت”، فلا يكون هناك رجوع.
فليكن يومنا هذا بداية جديدة، ولنبدأ من الآن في جمع الحسنات، والإحسان إلى الناس، والتوبة من الذنوب، لعل الله يرحمنا ويجعل لنا نصيبًا من رضوانه.
اللهم اهدنا ووفقنا
نسأل الله أن يهدينا جميعًا، وأن يوفقنا إلى ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يرضى عنا، ويحسن خاتمتنا، ولا يقبض أرواحنا إلا وهو راضٍ عنا.
اللهم اجعلنا ممن يزرعون الخير في هذه الحياة، ليحصدوه يوم الحساب. اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، وذكرنا دائمًا بحقيقتها الزائلة، حتى نسير على صراطك المستقيم. اللهم آمين.