في توقيت دقيق وزمن لا يحتمل الصدفة جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر لا كضيف عادي بل كرمز دولي في لحظة فارقة من عمر الإقليم والعالم.
لم يكن المشهد دبلوماسيا بحتا ولم تكن الزيارة روتينية…بل كانت رسالة مدروسة بعناية أراد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يقول فيها الكثير دون أن ينطق بكلمة.
حين يأخذ رئيس مصر نظيره الفرنسي إلى قلب الحسين ويجعله يلمس روح القاهرة القديمة، ويمشي وسط الناس في خان الخليلي، فهو لا يقدم جولة سياحية… بل يقدم عرضا لقوة مصر الناعمة والحقيقية.
مصر لا تتجمّل لماكرون، بل تكشف له وجهها الحقيقي… مصر الحضارة، مصر الأمن، مصر الثقة بالنفس ومصر القيادة.
في زمن الحرب والاضطرابات يختار السيسي أن يظهر ماكرون في قلب حي شعبي، وسط ازدحام الناس في أجواء لا تليق إلا بدولة تشعر بالأمان، لا دولة تبحث عنه.
والرسالة هنا أبعد من مجرد استعراض إنها تأكيد أن القاهرة ليست مجرد عاصمة عربية بل مركز ثقل إقليمي ودولي يعرف متى يتكلم، وكيف يصمت.
في السياسة كل تفصيلة محسوبة… فما بالك عندما يخطو رئيس فرنسا بجوار رئيس مصر في أزقّة التاريخ؟ من يقرأ الصورة يفهم اللعبة.
ماكرون لم يأتِ لمناقشة ملفات عابرة… بل جاء يطلب ما لا يستطيع غير مصر أن يقدّمه: الشرعية الحكمة والموقف المتوازن.
والسيسي لم يستقبله داخل أسوار القصور فقط بل فتح له شوارع الشعب… منتهى الثقة ومنتهى الرسالة.
العالم كله يتابع بينما يشتعل الإقليم بالحروب ويعيش على وقع صواريخ المقاومة وجنون الاحتلال تظهر مصر بثبات… تستقبل وتتكلم وتؤثّر.
فهل هناك توقيت أكثر دقة من هذا ليظهر السيسي صورة “القوة الهادئة”؟ قوة تحمية ولا تتهوّر… وتبني ولا تساوم.
الرسالة لم تكن فقط لماكرون بل لكل العواصم التي تراهن على تراجع مصر… أو تتمنى انكفائها.
من خان الخليلي إلى الإليزيه وصل صوت مصر: نحن لا نهرب من مشهد… نحن نكتبه.
القاهرة لا تعيش على هامش التاريخ بل تصنعه. لا تنتظر الأوامر، بل تضع الشروط.
والمواطن البسيط في الحسين الذي صافح ماكرون، هو ذات المواطن الذي تحميه الدولة وتثق به القيادة وتراهن عليه في كل لحظة فارقة.
حين تمشي الدبلوماسية على قدمين وسط الناس، فاعلم أن السياسة تغيّرت… وأن مصر تغيّر قواعد اللعبة.
في دولة أخرى، كانت الزيارة ستُختصر في جلسة مغلقة ومؤتمر صحفي… لكن في مصر، الرسائل تُقال من فوق مآذن الحسين، وفي عبق التاريخ.
ماكرون رأى القاهرة التي لا يراها الإعلام، ولا تلتقطها الكاميرات الغربية… القاهرة الحقيقية القاهرة الصامدة.
لهذا لم تكن زيارة عادية… بل كانت إعلان موقف وإثبات وجود، ورسالة ثقة… في النفس، وفي الشعب، وفي التاريخ.
ببساطة.. السيسي لم يستقبل ماكرون… بل قدّم له درسا في الجغرافيا السياسية من قلب القاهرة.
زحمة خان الخليلي ما كانتش صدفة… دي كانت الخلفية الحقيقية لعرض “مصر الآمنة” حيث الأمان مش محاط بسياج بل نابع من الشعب نفسه.
رئيس فرنسا شاف بعيونه اللي الإعلام الغربي بيحجبه.. ناس بتضحك بتعيش وبتحب بلدها رغم التحديات.
ده مش بروتوكول دي “حالة” مصرية صميمة… فيها التاريخ ماشي جنب السياسة والدين جنب الدولة.
الرسالة وصلت.. مصر مش دولة بتنتظر الضوء الأخضر من الغرب، مصر بتصنع الحدث وبتفرض كلمتها.
ماكرون خرج من الجولة مش بس بصور وتذكارات… خرج بفهم جديد لحجم وقوة القاهرة وقدرتها على إدارة التوازنات.
والمفارقة إن الجولة دي ممكن تبقى أهم من أي جلسة مغلقة بين الوفدين، لأنها بتوصل للوجدان قبل العقول.
الحسين مش بس جامع ولا خان الخليلي مجرد سوق… دي مؤسسات هوية وثقافة وروح بترد على دعاة الفوضى والعنف.
لما السيسي ينزل بنفسه في قلب الزحمة فده مش استعراض شجاعة… ده تأكيد إنه مش قاعد في برج عاجي.
الصورة اللي اتنشرت في كل وسائل الإعلام العالمية كانت أقوى من بيان رسمي… لأنها ببساطة مش ممكن تتفبرك.
المخابرات العالمية نفسها فهمت إن مصر بتقول “أنا هنا”من غير ما تطلق رصاصة واحدة.
السيسي فاهم قواعد اللعبة وبيلعبها بعقل بارد وقلب حامي… ومصر وراه بتقول “كمل”.
مش أول مرة مصر تستخدم قوتها الناعمة بس المرة دي الضربة كانت موجّهة ومدروسة ومحسوبة التوقيت بدقة.
في الوقت اللي بيلعب فيه الكبار بأوراق الضغط مصر بتقدّم ورقة الثقة، وبتنجح.
البعض هيحاول يقلل من الزيارة أو يشكك في قيمتها… لكن الحقيقة واضحة في عيون الناس اللي شافوا الحدث وتفاعلوا معاه.
خان الخليلي اللي كان بيتخانق فيه الناس على الشاي والتحف بقى مسرح لإعادة تعريف النفوذ.
وماكرون نفسه، رجع بلده وهو شايف إن الشريك الحقيقي في المنطقة… مش اللي بيحرق ولا اللي يصرخ لكن اللي يقدر يهدّي، ويوازن ويقود.
مصر بتبعت رسالة لكل العالم: عندنا أمن… عندنا شعب بيحب بلده… وعندنا قائد شايف المشهد من فوق، وواعي بكل تفاصيله.
اللي حصل مش جولة سياحية… ده كان عرض ميداني لقوة بلد بحجم مصر وقدرة قائد بحجم السيسي.
في النهاية الصورة بتقول: القاهرة مش بتتفرج على الحدث… القاهرة هي اللي بتكتبه، وتصدّره للعالم بثقة وسيادة..