**من أول لحظة تشتعل فيها أي أزمة في غزة أو فلسطين تتجه الأنظار إلى القاهرة وكأنها المسؤولة عن كل ما يحدث وكأن باقي الدول العربية والإسلامية بلا وزن أو دور.
** هذا اللوم ليس جديدًا لكنه يتكرر مع كل تصعيد ويزداد حدة مع تصاعد الحملة الإعلامية الممنهجة سواء من أطراف خارجية أو من تيارات الإسلام السياسي.
**يتناسون أن مصر هي الدولة الوحيدة التي لا تزال تحتفظ بدور الوسيط ولا تزال حدودها مفتوحة إنسانيا رغم كل التحديات الأمنية والسياسية.
** بينما تلهو بعض الدول العربية في تحالفات وتطبيع ومناورات مع إسرائيل، تقف مصر وحدها تتحمل تبعات كل شيء وتُطالب بكل شيء وتُلام على كل شيء.
**وكأن المطلوب من مصر أن تدخل حربًا بالوكالة عن كل العرب وأن تتحمل الثمن وحدها اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا.
**مصر ليست دولة صغيرة وليست كيانا عشوائيا يتحرك بردات الفعل بل هي دولة مؤسسات وتقديرات استراتيجية.
**السؤال الذي يجب أن يُطرح: لماذا يُطلب من مصر أن تحارب بينما الدول الأخرى تستضيف قواعد أمريكية وتطبع مع إسرائيل وتشاركها المناورات؟
**لماذا تُنتقد مصر وهي التي تستقبل الجرحى وتدخل المساعدات وتفتح معبرا وحيدا لنجدة المحاصرين بينما دول بأموال ضخمة تكتفي بالشعارات؟
** هل المطلوب أن تُنهك مصر في حرب غير محسوبة من أجل مغامرة خططت لها فصائل لا تنتمي إلا لأجندات خارجية؟
** الحرب ليست لعبة وليست منشورا فيسبوكيا الحرب قرار مصيري يحتاج لتقدير شامل واستعداد حقيقي وتحييد للأطراف المعادية.
** وما فائدة أن تخوض مصر حربا وهي محاصرة اقتصاديًا بينما العرب ينفقون التريليونات على تسليح أمريكا وإسرائيل نفسها؟
** أي عاقل يدرك أن مصر لو خاضت حربا الآن سيكون الثمن فادحًا وربما يصل لانهيار داخلي يصيب الشعب كله بالجوع والفوضى.
** مصر لا ترفض نصرة غزة بل ترفض أن تُستدرج لحرب بُنيت على حسابات استخباراتية لمصلحة العدو وليس الشعب الفلسطيني.
** من الذي ورّط غزة؟ ومن الذي أعطى الضوء الأخضر في لحظة لم تكن محسوبة؟ ومن الذي فرّط في حياة الملايين مقابل شعارات؟
**هل من الحكمة أن تجرّ مصر لحرب بينما من بدأ المغامرة يجلس في ملجأ أو يقبض بالدولار أو يراهن على استنزاف مصر؟
**من الطبيعي أن يُلام الكبير لأن الكبير هو المسؤول دائما لكن لا يعني ذلك أن ننساق كالحمقى وراء هتافات الغوغاء.
**مصر كانت دائما هي مركز الثقل العربي وهي التي إن تحركت تغيّرت التوازنات كلها لكنها تتحرك بعقل لا بعاطفة.
** والذين يزايدون على مصر، هم أنفسهم من يتواطأون في الخفاء ويمنعون عنها الدعم بل ويضغطون عليها اقتصاديًا وسياسيا.
**مصر اليوم تواجه حربا مركبة على حدودها في أمنها القومي في اقتصادها في وعي شعبها في محاولات تحييد جيشها.
** فهل المطلوب من مصر أن تفتح جبهة جديدة تُنهك جيشها الوطني الوحيد المتبقي في المنطقة من أجل مكاسب لفصائل مأجورة تسببت فى قتل اهلها ؟
** وهل من الحكمة أن تسير مصر وراء من يخططون لإسقاطها من الداخل بزعم “الدعم” لغزة وهم لا يدعمون إلا إسرائيل بطرق ملتوية؟
**مصر لا تخشى الحرب لكنها لا تندفع لها إلا حين تكون الحرب لصالح أمنها القومي لا لصالح مخطط صهيوني خفي لتدميرها.
** الذين يحلمون بأن مصر ستخوض حربًا بالوكالة هم أنفسهم من سيتركونها تنهار لو انهزمت، ولن يدفعوا فلسًا واحدًا لإعادة إعمارها.
** يجب أن نفهم أن “القوة” لا تعني الزئير فقط، القوة تعني التوقيت، تعني التحالفات، تعني التحصين الداخلي، تعني الاستعداد.
**مصر اليوم تبني قوتها، تصنع سلاحها، تطوّر صناعاتها تُحيد خصومها، تُحافظ على جيشها.. هذه هي الحكمة لا الضعف.
**الأسد لا يهاجم كل من يعوي بل يختار معركته وعندما يهاجم لا يترك عدوًا حيا ومصر أسد حتى وإن كلّت مخالبه.
** من يريد أن يُزايد على مصر فليبدأ بنفسه.. افتحوا حدودكم واجهوا إسرائيل أوقفوا التطبيع أوقفوا المناورات المشتركة.
**مصر ستبقى الكبير شاء من شاء وأبى من أبى وهي من تُرهب العدو حقًا، حتى لو لم تطلق رصاصة واحدة.
**يكفي أن يقول الشعب الفلسطيني: “لو عطس المصريون على إسرائيل طاروها”اى طيروها ليعلم العالم أن القوة الحقيقية تسكن في مصر.
**ياسادة مصر ليست دولة تابعة ولا صدى لأصوات مرتعشة.. مصر دولة قرارات دولة أفعال دولة تقود لا تُقاد وتُلام لأنها ببساطة الكبيييير.

