** مصر دولة مركز وليست هامشًا في السياسة أو في الجغرافيا أو في الوعي الجمعي العربي.
** من هنا تبدأ القصةالكبير يُلام لأنه كبير ولأن الناس ترى فيه المنقذ دائمًا.
** كلما اشتعلت النار في غزة، أو تصاعد الدخان من بيت فلسطيني، سُمعت الأصوات: “فين مصر؟”.
**وكأن مصر وحدها تمتلك مفاتيح الحل وكأن باقي العرب والمسلمين بلا قيمة أو دور.
**هذا الاتهام المتكرر لمصر ليس محض صدفة، بل سياسة ممنهجة لتوريطها أو تشويهها أو استنزافها.
** مصر ليست غائبة أبدًا، لكنها لا تفعل ما يُطلب منها بالشكل الذي يريده الآخرون.
** هناك فرق بين “التحرك” و”التهور”، ومصر تعرف الفرق جيدًا.
**دولة بتاريخ مصر، وجيش كمثل جيشها وشعب كمثل شعبها لا تتحرك إلا بحسابات دقيقة.
** المطلوب من مصر أحيانا ليس الدعم بل التورط والسير خلف مغامرات غير محسوبة.
** والفارق كبير بين دعم القضية وخوض معركة لصالح فصيل أو أجندة.
** حماس للأسف لم تعد تمثل المقاومة كما عرفناها بل باتت ورقة في يد أطراف خارجية.
** من يحركها؟ من يمولها؟ من يستفيد من تصعيدها؟ أسئلة لا يطرحها أحد ممن يلومون مصر.
** مصر لا تحارب بالريموت كنترول ولا تأخذ قراراتها من فيسبوك وتويتر.
**الحرب قرار وجودي لا دعائي ولا مزايدة سياسية من شقق الدوحة أو فنادق إسطنبول.
** مصر تعرف أن العدو واحد إسرائيل لكن الطريق لمواجهته يحتاج إلى توازن وردع واستعداد شامل.
**هل المطلوب من مصر أن تدخل حربا لا تضمن نتائجها بينما الدول العربية تطبع وتتحالف وتدفع وتعيش فى رغد من العيش وتستعرض على الغلابة؟
** من الذي أغلق أبوابه؟ من الذي رفض استقبال لاجئين؟ من الذي طبع العلاقات وفتح الأجواء؟
**من الذي يستضيف قواعد أجنبية على أرضه؟ من الذي يجري مناورات مع جيش الاحتلال؟
** أليست هذه أسئلة مشروعة؟ لماذا لا تُطرح على قطر والإمارات والسعودية وغيرهم؟
** لماذا لا يُقال لتركيا افتحوا حدودكم أرسلوا جنودكم حركوا قواتكم في قبرص أو البحر؟
** لماذا كل اللوم موجه لمصر؟ لأنهم يعرفون أنها وحدها القادرة ولذلك يريدون إضعافها قبل تحريكها.
** يريدون من مصر أن تدخل الحرب اليوم ثم يسحبوا الدعم عنها غدًا ويتركوها تنهار وحدها.
** هل نسيتم 67؟ هل نسيتم من فرّ ومن دفع الثمن؟ ومن بقي وحيدًا يدفع الفاتورة؟ كانت مصر.
** مصر لا تخشى المعارك لكنها ترفض أن تكون وقودا في لعبة غير شريفة.
**مصر تعرف أن العدو لا يتربص بغزة فقط بل يتربص بها هي أولًا.
**لذلك لا تخوض معركة دون أن تُؤمِّن جبهتها الداخلية دون أن تحشد اقتصادها دون أن تحسم تحالفاتها.
** أما الحروب المتهورة فنتيجتها كارثية وتاريخ العرب مليء بالدروس.
**الشعب الفلسطيني نفسه يعرف أن مصر هي المأمن الأخير والملاذ الذي لا يغلق بابه.
**والدليل؟ كل فلسطيني حين يشتد عليه الحصار ينظر إلى مصر لا إلى غيرها.
** الفيديو الشهير للسيدة الفلسطينية التي صرخت في جنود الاحتلال “بكرة ييجوا 100 مليون مصري يطيروكم”يلخص كل شيء.
** لم تقل الأردنيين ولا السعوديين ولا حماس ولا إيران.. قالت المصريين.
** لأن العقيدة الراسخة في وجدان الأمة لا نصر دون مصر.
** لكن هذه العقيدة نفسها تُستغل لتوريط مصر لدفعها لمعارك قبل أوانها.
** مصر تدرس تحلل تتفاوض، تحاور تُهدد في صمت لكنها لا تتحرك إلا حين تحسم.
** بعض الشعوب تقاتل لتثبت وجودها.. أما مصر فهي الوجود نفسه.
** وهي تعرف أن سقوطها لا يعني فقط هزيمتها بل هزيمة العرب كلهم.
** ولذلك هي تحمي جيشها كما تحمي قلبها وتزن خطواتها كما يزن الجراح ضربة مشرطه.
** في الوقت الذي تنفق فيه دول العرب على تسليح قواعد أمريكية، تُصنّع مصر سلاحها.
**في الوقت الذي تحتضن فيه بعض العواصم قادة الاحتلال تستقبل مصر الجرحى واللاجئين.
** في الوقت الذي تزايد فيه فضائيات الإخوان وحماس تمارس مصر دبلوماسية الصمت والعمل.
** الكبير لا يصرخ.. الكبير لا يُزايد.. الكبير يشتغل بصمت ثم يتكلم عندما يُفرض الصمت عليه.
**مصر اليوم تُبني من الداخل وتُحيد خصوم الخارج وتُعيد ترتيب أوراق الإقليم.
** حين تتحرك مصر يتغير كل شيء.. لذلك، لا يريدون لها أن تتحرك إلا في توقيتهم هم.
** وهذا ما ترفضه القيادة المصرية.. مصر تتحرك عندما تريد لا عندما يُطلب منها.
** الذين ينتقدون مصر عليهم أولًا أن ينظروا في مرآة خياناتهم وتحالفاتهم.
** وعليهم أن يسألوا أنفسهم: ماذا فعلوا هم لفلسطين قبل أن يلوموا مصر؟
**مصر لا تتهرب من دورها بل هي الوحيدة التي لا تزال تؤدي هذا الدور.
**لكن أداء الدور لا يعني الانتحار.. ولا يعني أن نُلدغ من نفس الجحر مرتين.
**ومَن لا يفهم هذا، فمشكلته في وعيه، لا في موقف مصر.
**مصر هي الكبير وستبقى الكبير شاء من شاء وأبى من أبى.. ومن لا يرى ذلك فليقرأ التاريخ أوفليصمت إلى أن ينضج…

