في مشهد وطني فارق أبهر الداخل وأربك الخارج خرج المصريون من كل فجٍ عميق لا ليضعوا ورقة في صندوق فحسب بل ليضعوا سطرا جديدا في سجل الوعي ويؤكدوا للعالم أن مصر حين تنادي فإن أبناءها على العهد أوفياء.
العملية الانتخابية لمجلس الشيوخ لم تكن مناسبة سياسية فقط بل كانت امتحانا حضاريا عبرت فيه الدولة المصرية عن نفسها بوجه ناصع وإرادة صلبة وتنظيم احترافي.
لقد كان التنظيم عنوانا كبيرا ليس فقط في دقة الإجراءات وسرعة الاستجابة بل في المناخ الذي ساد العملية برمتها أمن حاضر وتيسير حقيقي وروح وطنية تعم الميدان. لم تسجل المؤسسات الرقابية أي خروقات جوهرية بل كانت إشادات متتابعة بما رُصد من شفافية ونزاهة وسهولة وتعاون غير مسبوق من الجهات كافة.
الشباب والمرأة.. درع الوطن وسيفه
الرهان كان على وعي المصريين والرهان كسبه الوطن فالشباب الذين قال عنهم المغرضون إنهم بعيدون عن الشأن العام كانوا أول من اصطفوا يرفعون بطاقات الهوية ويكتبون بأيديهم عنوان الغد والمرأة المصرية كعادتها كانت طليعة الصفوف بروح أم الشهيد وعقلية صانعة المستقبل وجسارة من حملت الوطن على كتفها في أحلك الظروف.
لقد تحول مشهد الصناديق إلى لوحة فسيفساء وطنية فيها العجوز والشاب الموظف والعامل الفلاح والمثقف يلتقون على هدف واحد: حماية الدولة وتجديد دماء مؤسساتها والمشاركة الفعلية في رسم السياسات من خلال قنوات شرعية تمثلهم وتدافع عنهم.
دولة مؤسسات تحترم ذاتها وشعبها
أبهرت الهيئة الوطنية للانتخابات الجميع باحترافيتها لم تترك ثغرة للإدعاء ولا موضعا للشك بل تعاملت كجهة سيادية تعرف حجم مسؤوليتها في استكمال بناء الجمهورية الجديدة لم يكن الأمر مجرد “انتخابات” بل بروفة عميقة تؤسس لمشهد نيابي مستقر يتناغم فيه مجلسا الشيوخ والنواب تحت مظلة قيادة سياسية صلبة تعرف ما تريد وتسير إليه بثقة لا تعرف المواربة.
أعداء الخارج.. وخيبة الرهان
أصيب الأعداء بارتباك شديد فكل محاولات التشكيك ذهبت هباء وخرجت الكاميرات ترصد مشاهد مبهرة لمواطنين يصطفون تحت شمس أغسطس وكأنهم في احتفالية وطنية سقطت مزاعم القنوات الصفراء التي كانت تأمل في مشهد باهت فجاء الرد من الشعب لا بالكلمات بل بالأفعال.
لقد قال المصريون للعالم نحن نملك قرارنا ونصنع قدرنا ولن نسمح لمن باعوا أوطانهم أن يكتبوا علينا نهايتنا.
الانتخابات.. مدخل نحو مزيد من الإنجازات
النجاح في تنظيم انتخابات مجلس الشيوخ لا يجب أن يُقرأ باعتباره نهاية المطاف بل هو إشارة قوية إلى الجاهزية الكاملة لكل الاستحقاقات المقبلة انتخابات مجلس النواب واستكمال الاستحقاقات السياسية والدستورية وبناء مؤسسات تعبر عن الشعب لا تزايد عليه.
لقد قدم الشعب المصري نفسه كنموذج للمسئولية في وقت تتآكل فيه الثقة بين الشعوب وأنظمتها في أماكن كثيرة الشعب المصري لم يتذمر لم ينسحب لم يرضَ أن يكون على الهامش بل انخرط وشارك وأدار وأسقط كل دعاوى “اليأس” و”اللامبالاة” و”النفور”.
كلمة الفصل
ما جرى خلال اليومين الماضيين هو ملحمة وطنية مكتملة الأركان خطّها المواطن وأدارها المسئول وأشادت بها الجهات الدولية وتلقفها الإعلام الوطني باعتزاز يليق بها. مصر لا تعود إلى الخلف بل تتقدم بقوة مؤسساتها وبإرادة شعبها وبحكمة من يقودون دفتها في أوقات الشدة والرخاء.
سننتخب ونشارك ونبني ونتقدم هذا هو عهد المصريين مع وطنهم.
وكلما ارتفع صوت في الخارج يهاجم ارتفع وعي في الداخل يحمي ويصون ويشارك…