ليس نحن من نُحيي ذكراك بل ذكراك هي التي تُحيينا فما من قلبٍ مؤمن إلا وتغشاه السكينة كلما سمع اسمك وما من لسان صادق إلا وتحنو نبراته عند الصلاة عليك
صلوات ربي وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله.
مولدك يا رسول الله لم يكن يوما كأي يوم
بل كان بداية لفجرٍ جديد أضاء الكون
جئتَ يتيما بلا مال ولا سند لكن الله سندك ورفع ذكرك وأعلى قدرك فغدوتَ الرحمة المهداة والنعمة المسداة.
من يقرأ سيرتك يا رسول الله يجد أن الرحمة كانت سمتك رحمتَ الحيوان كما رحمتَ الإنسان.
دخلت امرأة النار في هِرّة حبستها ودخل رجل الجنة لأنه سقى كلبا عطشان.
فكيف بك أنت يا نبي الرحمة وأنت الذي قلت: “في كل كبدٍ رطبةٍ أجر”؟
كنتَ يا رسول الله أعدل الناس تقسم بالسوية وتُنصف حتى الضعيف وتقول: “لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها”.
فلا محاباة في دين الله ولا ظلم في شرعه
إنما عدلٌ يساوي بين الشريف والوضيع والغني والفقير.
أنت الذي جلست مع الفقراء وأكلت مع المساكين وزرت المريض وواسيت الحزين.
لم تركب بُسطًا من ذهب ولا عشت في قصور بل كنت تنام على حصير يؤثر في جنبك الشريف وتقول: “مالي وللدنيا؟ إنما مثلي كمثل راكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها”.
في الطائف حينما آذاك سفهاؤها حتى سال الدم من قدميك جاءك ملك الجبال يستأذنك أن يطبق عليهم الأخشبين فقلتَ: “بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده”.
يا لرحمتك يا رسول الله ويا لعفوك حتى عن ألدّ أعدائك.
لم يكن النبي ﷺ يبكي لنفسه بل كان يبكي لأجلنا نحن أمته.
قرأ يوما قول الله تعالى: “إن تُعذِّبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم”.
فرفع يديه وبكى وقال: “اللهم أمتي أمتي”.
فجاءه جبريل يخبره أن الله قال:”يا محمد، سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك”.
لم تكن رحمتك ضعفا ولا عفوك خنوعا بل كنت قائدا شجاعا مهابا ومحاربا جسورا
حملت السيف دفاعا عن الحق وجاهدت لتخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
يا رسول الله علّمتنا أن الإيمان لا يكتمل حتى نحبك أكثر من أنفسنا وأموالنا وأهلنا والناس أجمعين.
أنت الذي قلت: “أنا أول من يفتح باب الجنة” وأنت الذي وعدتنا أن تلقانا عند الحوض وأنك لن ترضى حتى يدخل آخر واحد من أمتك الجنة.
مولدك ليس ذكرى تاريخية تُروى بل حياة تتجدد في كل قلب مؤمن.
ذكراك منهج وذكراك عمل ذكراك دعوة لنشر الخير والصدق والرحمة.
يا سيّدَ الكائنات يا من بك تفتخر الأرض والسموات
يا من ولدتَ يتيمًا فعشتَ كريما ومضيتَ عظيما
يا من علمتنا أن العفو زينةُ القوة وأن الرحمة تاجُ القيادة وأن الصدق أساس النجاة.
مولدك نورٌ في القلوب ومجدٌ في السطور وعهدٌ متجددٌ مع كل مؤمنٍ ومؤمنة.
ذكراك جسرٌ بين الأرض والسماء وحبلُ رحمةٍ لا ينقطع إلى يوم اللقاء.
صلوات ربي عليك يا من جئتَ رحمةً للعالمين يا خاتم النبيين يا شفيع المذنبين يا إمام المتقين.
اللهم اجعلنا من أهل سنته ومن أتباعه في سرّنا وعلننا ولا تحرمنا شفاعته ولا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله يااااا رب العالمين.
كل عامٍ وقلوبنا معلقة بك وكل ذكرى لمولدك الشريف هي حياةٌ لنا من جديد.