منذ سنوات، يحاول البعض تسويق فكرة أن جميع الأندية المصرية استفادت من الفساد في منظومة كرة القدم، وكأن الجميع متساوٍ في المكاسب والمظالم، وكأن التجاوزات كانت توزع بالتساوي بين الجميع. لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن هناك طرفًا كان دائمًا المستفيد الأكبر، بينما كان الأهلي هو المتضرر الأكبر، رغم أنه ظل صامدًا، يحارب على كل الجبهات، ويفوز بالبطولات بقوته وتاريخه وكفاءته، لا بالمجاملات ولا بالدعم الخفي.
على مدار تاريخه، لم يكن الأهلي جزءًا من منظومة الفساد، بل كان دائمًا ضحية لها، ورغم ذلك استمر في تحقيق النجاحات، متغلبًا على العقبات والعراقيل التي وضعت أمامه. الأهلي لم يعتمد يومًا على استرضاء مسؤول أو مجاملة حكم، بل كان ينتصر لأنه الأقوى والأفضل والأكثر التزامًا بالمبادئ. ولو كان الفساد كما يدّعون يوزع على الجميع، فكيف يمكن تفسير أن الأهلي هو النادي الأكثر تتويجًا بالبطولات محليًا وقاريًا، بينما ظل الآخرون يشكون ويتذرعون بالحجج الواهية؟
أما عن وصف الأهلي بـ”الدولة”، ووجود “رئيس” و”شعب”، فهو ليس تجاوزًا كما يحاول البعض الترويج له، بل تعبير رمزي يعكس واقعًا حقيقيًا. الأهلي كيان مستقل، له قواعده ومبادئه وقيمه، ولا يخضع لابتزاز أو مساومات، ولا يُسمح لأحد بأن يعبث بتاريخه أو يلوث مسيرته. عندما يقال إن “الأهلي فوق الجميع”، فهذا ليس من باب الغرور، بل لأنه بالفعل فوق العبث، فوق الفساد، فوق التمييز، وفوق أي محاولات للتلاعب بالمبادئ والقوانين.
كرة القدم في النهاية مجرد لعبة، لكن عندما تتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات، ويصبح الفساد وسيلة لدفع البعض وإيقاف آخرين، فإن الحديث عن النزاهة يصبح مجرد شعار زائف. الأهلي لم يدخل الملعب يومًا لمجرد المشاركة، بل كان دائمًا الرقم الصعب، القادر على فرض احترامه بجهده وكفاحه وتاريخه الطويل من البطولات والإنجازات، وليس بقرارات إدارية منحازة أو تحكيم موجّه.
والغريب أن من يتهمون الأهلي بأنه يبالغ في ردود أفعاله أو يمارس ضغوطًا على المنظومة، هم أنفسهم الذين يطالبون بالمجاملات، ويضغطون بكل الوسائل للحصول على امتيازات خاصة، ثم يتحدثون عن العدالة والمساواة. فكيف يمكن الحديث عن العدل، بينما بعض الأندية تحصل على ما تريد بالتلميح والتهديد، بينما الأهلي يتمسك فقط بحقه المشروع في المنافسة بشرف؟
التعصب الكروي أمر مرفوض، لكن هناك فرقًا بين التعصب وبين الدفاع عن الحق. عندما يطالب الأهلي بالتحكيم العادل، فهو لا يبحث عن امتياز، بل يريد فقط ألا يُسلب حقه وألا تُمنح بطولات لغير مستحقيها. وعندما يرفض التمييز في القرارات، فهو لا يطلب معاملة خاصة، بل يطالب فقط بالمساواة والشفافية التي يُفترض أن تكون القاعدة في أي منظومة محترمة.
الأهلي لم يكن يومًا مجرد نادٍ، بل كان دائمًا فكرة ومبدأ وقيمة. تاريخه الممتد لعقود يؤكد أن الانتصارات لم تكن مجرد صدفة، بل نتاج عمل وجهد وتخطيط واستراتيجية. أما الآخرون، فلا يزالون يعتقدون أن الطريق إلى النجاح يمر عبر الغرف المغلقة والمجاملات الخفية، وهذه هي الفجوة الحقيقية التي ستظل تفصل بين الأهلي وبين أي نادٍ آخر، مهما حاول البعض إنكارها.
لذلك، من ينتظر أن يتراجع الأهلي عن موقفه، أو يقبل أن يكون مجرد طرف في معادلة غير متكافئة، فهو واهم. الأهلي سيظل كما كان دائمًا، الرقم الصعب، الذي لا يخضع للضغوط، ولا يقبل إلا بالعدل والاحترام، لأن تاريخه لا يسمح له بغير ذلك، وجماهيره لن تقبل له بأقل من ذلك!