في شوارع مدننا التي تنشد التطوير والحضارة، أصبح التوك توك مشهدًا يوميًا لا يمكن تجاهله، لكنه – للأسف – لم يعد مجرد وسيلة نقل بسيطة للأحياء الشعبية، بل تحول في كثير من الأحيان إلى مصدر للفوضى، والضوضاء، والازدحام، والسلوكيات غير الأخلاقية.
ورغم أن ظهوره في البداية جاء كحل عملي للتنقل في الأزقة والشوارع الضيقة، إلا أن غياب الرقابة والتقنين حوله إلى أزمة مرورية وأمنية وأخلاقية. كثير من سائقي التوك توك يتعاملون مع الركاب بأسلوب فظ، وألفاظ سوقية لا تليق بمجتمع يسعى للارتقاء، فضلًا عن استغلالهم للأجرة بلا رقيب، حيث تختلف الأسعار حسب مزاج السائق ومزاج حركة المرور.
الأدهى من ذلك أن هذه المركبات الصغيرة أصبحت سببًا رئيسيًا في الاختناقات المرورية، إذ تتسلل بين السيارات وتتوقف فجأة في منتصف الطريق لتحميل الركاب أو إنزالهم، بلا اعتبار لقواعد المرور أو سلامة الآخرين. وفي بعض الحالات، تحوّل الأمر إلى تهديد أمني، بعد تورط بعض سائقيها في جرائم سرقة أو مضايقات للركاب، خاصة الفتيات.
إن استمرار هذه العشوائية يتناقض تمامًا مع صورة المدن التي تتبنى خططًا طموحة للتطوير والتحضر. لذلك، لم يعد الأمر يحتمل التأجيل، فالحل السريع يكمن في تقنين عمل التوك توك عبر:
إصدار تراخيص إلزامية للسائقين والمركبات.
تحديد مسارات ومناطق عمل واضحة.
فرض غرامات رادعة على المخالفين.
تنظيم برامج تدريبية للسائقين على أسلوب التعامل الحضاري مع الركاب.
إننا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن نضع التوك توك في إطار قانوني منضبط، أو نتركه يبتلع شوارعنا وقيمنا معًا…