عملية بلا مفاجأة
لم يكن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة مفاجئا ولن يكووون بل جاء في سياق معلوم مسبقا وبمعرفة كاملة من الجانب القطري وبرعاية أمريكية واضحة. الهدف المعلن – اغتيال قادة من حركة حماس – لم يتحقق. فالضحايا اقتصروا على إداريين من الصف الثاني يُرجَّح أن من بينهم ابن خليل الحية إضافةً إلى عنصر أمني قطري. أما الوفدان القطري والحمساوي فقد تأخرا عن موعد الاجتماع المحدد مسبقًا الأمر الذي يثير أكثر من علامة استفهام حول التوقيت والدوافع.
تساؤل منطقي
السؤال الذي يفرض نفسه لو كانت إسرائيل جادة فعلا في اغتيال قادة حماس ألم يكن ذلك ممكنا منذ سنووووات طويلة وهم يقيمون في قطر منذ أكثر من عقدين؟ بل حتى بعد عملية “طوفان الأقصى” لم تقدم إسرائيل على هذه الخطوة. السبب واضح تدرك تل أبيب أن “الفيلم ينتهي” إذا غاب الأبطال وهي تريد استمرار العرض لا نهايته.
أسطورة الـ15 طائرة
الإعلام العبري ضخّم العملية بالحديث عن مشاركة 15 طائرة حربية بينما الحقيقة أن الهدف مبنى صغييير استُهدف بقنابل محدودة لا تتطلب أكثر من طائرتين إحداهما للهجوم والأخرى للمساندة. أما ما قيل عن تزويد الطائرات بالوقود في الجو عبر قاعدة العديد الأمريكية فهو سيناريو غير عملي إذ يتطلب ثماني طائرات للتزود بالوقود وهو ما يجعل القصة غير واقعية أقرب إلى الدعاية والحرب النفسية. المغزى ترسيخ صورة أن أجواء المنطقة كلها تحت سيطرة إسرائيل.
الابتزاز المالي للخليج
قبل أسابيع قليلة صرح وزير المالية الإسرائيلي بوجوب أن تتحمل دول الخليج تكاليف الحرب لأنها “تحميها من إرهاب حماس”. كثيرون اعتبروا التصريح مجرد هراء لكنه في الواقع كان تهديدا مبطنا إما تدفعون وإما ستشهدون ضربات على أراضيكم. إنها سياسة ابتزاز جديدة هدفها حلب الموارد المالية للخليج.
خرائط “إسرائيل الكبرى”
زاد التوتر الخليجي حين أعلن نتنياهو عن خرائط “إسرائيل الكبرى” متضمنةً أراضي من السعودية. هذا الإعلان أحدث قلقا واضحا في الجزيرة العربية ودفع دول الخليج إلى إعادة النظر في مواقفها فبدأت بالعودة إلى التنسيق مع مصر باعتبارها خط الدفاع الأول.
عودة التنسيق الخليجي–المصري
انعكس ذلك في عدة مؤشرات بارزة
تصريحات خليجية داعمة لمصر ضد مشروع التهجير.
تهديد الإمارات بوقف مسار الاتفاق الإبراهيمي.
تحفظات سعودية وكويتية وأردنية وبحرينية على الخطط الإسرائيلية.
إعلان قوة بحرية مشتركة بين مصر والسعودية في البحر الأحمر.
اتفاقيات اقتصادية وسياحية لدعم مصر في مواجهة الضغوط إضافة إلى التزام كويتي بتأمين احتياجات القاهرة من الوقود إذا قلّ الغاز.
غضب إسرائيلي متصاعد
هذه التطورات أغضبت إسرائيل التي رأت أن حملتها الإعلامية لإحداث وقيعة بين مصر ودول الخليج لم تعد تجدي وأن تحذيرات القاهرة أثبتت صحتها القواعد الأمريكية ليست موجودة لحماية الخليج وإنما لدعم إسرائيل والسيطرة على المنطقة.
رسائل الضربة الاستعراضية
من هنا جاء الهجوم الاستعراضي على قطر لإيصال رسائل متعددة أهمها
1. أجواءكم مكشوفة ومستباحة.
2. لا قدرة لكم على الصمود أمام إسرائيل.
3. توقفوا عن دعم مصر والارتماء في حضنها.
4. واصلوا مسار التطبيع وامضوا في تنفيذ الاتفاقيات الإبراهيمية لتفريغ المجتمعات من روحها الدينية والوطنية.
مصر.. الهدف المؤجل
رغم الضغوط الاقتصادية والسياسية الكبيرة ما زالت مصر ترفض أن تكون ساحة لقواعد أجنبية وتبني جيشها بدماء أبنائها لحماية الوطن. وهي بالنسبة لإسرائيل الهدف الأخير والأصعب بعد إنهاكها ومحاولة تقويض دورها الإقليمي.
رؤية ما وراء الضباب
قد يختلف هذا التحليل مع ما يطرحه بعض المحللين لكنه محاولة لرؤية ما وراء الضباب العملية لم تكن سوى مسرحية مدفوعة أرادت من خلالها إسرائيل توجيه رسائل ابتزاز وردع فيما يبقى السؤال مفتوحا حول موقف قطر الحقيقي من هذه اللعبة ولماذا ارتضت أن تكون ساحة لمثل هذا الاستعراض…