العزاءات ليست منابر للخطب المنبرية..الإحسان والرفق هما جوهر الدعوة..هذه دعوة للتأدب والاحترام بقلم احمد عسله
في مجتمعاتنا تحظى العزاءات بقدسية خاصة فهي مجالس لمواساة أهل الفقيد وللتعبير عن التعاطف والمساندة. إلا أن البعض يصرّ على تحويل هذه المناسبات الحزينة إلى منصات لإلقاء الخطب المطولة، وكأن الحاضرين جاؤوا للاستماع إلى موعظة إجبارية، لا لتقديم العزاء.
هل العزاءات مكان للخطب؟ العزاء ليس ساحة للخطابة وليس مناسبة لفرض الرأي أو لإجبار الناس على الاستماع تحت وطأة الحزن اى تحت اى ظرف من الظروف فالمعزى هو وشأنه. فالحاضرون جاؤوا لمواساة أهل الفقيد وليس لحضور درس ديني أو خطبة وعظية لا تراعي مشاعر الحزن والأسى ولا للاستماع للاخ الخطيب بالحبر والترهيب والتطاول .
لماذا الإصرار على فرض الخطبة؟ بعض المتحدثين يتصرفون وكأنهم الأوصياء على دين الناس يرفعون أصواتهم ويملأون العزاء بالتوبيخ والتخويف متجاهلين أن الإحسان والرفق هما جوهر الدعوة.
الدين يدعو إلى اللين وليس إلى الإكراه ديننا الحنيف لم يأمر بإجبار الناس على الاستماع، بل جعل الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، كما قال الله تعالى: “ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن” (النحل: 125). فكيف يمكن لإنسان في لحظة حزن وأسى أن يكون مهيئًا لسماع خطبة قاسية أو توبيخية؟
احترام مشاعر المعزين واجب أليس من الأدب والرحمة أن نترك المعزين وشأنهم، أن نخفف عنهم، لا أن نزيدهم ضيقًا؟ إذا كان المتحدث يريد إيصال رسالة، فلتكن باللين والرفق، لا بالجعجعة والصراخ.
نصيحة للوعّاظ والمتحدثين قبل أن تعتلي المنبر في العزاء، اسأل نفسك: هل كلماتي ستواسي أهل الفقيد أم ستزيد من معاناتهم؟ هل أنا هنا لإكرام الميت أم لاستعراض قدراتي الخطابية؟ تذكر أن الصمت في مثل هذه المواقف قد يكون أكثر تأثيرًا من الكلام.
العزاء ليس سوقًا للمزايدة في الوعظ، وليس مكانًا لفرض الآراء. دعوا الناس يعبرون عن حزنهم بسلام، واحترموا مشاعرهم، فالدين أخلاق، وليس استعراضًا للكلمات.
مقالى هذا يهدف إلى توجيه رسالة واضحة ضد استخدام العزاءات كمنابر للخطابة الجبرية اكدت فيه على أهمية احترام مشاعر المعزين والتصرف بحكمة وأدب معهم…




