كشف معادن الناس في أوقات المحن بقلم احمد عسله
تمرّ بنا الحياة بمواقف متقلبة تارة تحمل الفرح والنجاح وتارة أخرى تغمرنا بالصعوبات والتحديات وفي غمار هذه اللحظات العصيبة تتكشف لنا حقيقة من حولنا فالمحن بمثابة مرآة صافية تعكس معادن البشر بوضوح بعيدًا عن زيف المجاملات وبريق الكلمات المنمقة.
كم مرة وجدنا أنفسنا نعيد تقييم علاقاتنا بعد أن أظهرت لنا الأزمات الوجوه الحقيقية لبعض الأشخاص؟ هناك من كنا نراهم أصدقاءً وأحبة لكن عند أول اختبار حقيقي، سقطت عنهم الأقنعة وبدت لنا حقيقتهم جلية منهم من تخلّى ومنهم من كشف عن نوايا مغرضة ومنهم من اكتفوا بالمشاهدة من بعيد دون مد يد العون.
لكن في المقابل لا يمكننا إنكار أن هذه الفترات العصيبة تُظهر لنا أيضًا النقاء الإنساني في أبهى صوره فوسط الخذلان نجد من يثبت وفاءه ويبرهن على صدق مشاعره دون تكلّف أو ادّعاء هؤلاء هم الذين يستحقون أن نتمسك بهم ونمنحهم مكانة خاصة في حياتنا.
لا شك أن اكتشاف الحقائق قد يكون مؤلمًا ولكن الألم أحيانًا يكون المعلم الأكبر. فكل تجربة نخوضها حتى وإن كانت قاسية تُساهم في بناء شخصيتنا وتُكسبنا حكمةً تجعلنا أكثر إدراكًا لواقع الحياة ولحقيقة من حولنا والأهم من ذلك أنها تمنحنا فرصة ثمينة لإعادة ترتيب أولوياتنا وتوجيه مشاعرنا لمن يستحق.
علينا أن نُدرك أن تجاهل الدروس التي تقدمها لنا الحياة ليس خيارًا حكيمًا. فالأحداث الصعبة ليست مجرد محطات عابرة بل هي دروس متجددة علينا أن نستخلص منها العِبَر ونتعلم كيف نصنع من الألم قوة ومن التجربة خبرة ومن الخذلان وعيًا لا يسمح لنا بالسقوط في الفخ ذاته مرة أخرى.
فليكن شعارنا في الحياة: “لا نندم على معرفة أحد بل نندم فقط على من منحناهم أكثر مما يستحقون”، ولنجعل من التجارب المريرة فرصة لتصفية العلاقات والاحتفاظ فقط بمن يثبتون حقًا أنهم أهلٌ للثقة والمودة.