كتب احمد عسله
ونحن على مشارف إفتتاح ( المتحف المصرى الكبير ) كأعظم إنجازات مصر الحديثة ،والذى أنشئ ليكون صرحا حضاريا وثقافيا وترفيهيا عالميا متكاملا وليكون أكبر متحف في العالم يروى قصة تاريخ الحضارة المصرية القديمة ولذلك كان اللقاء مع الكاتب والباحث عبدالله مهدى ” رئيس لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر ” ، والتى تعد لجنته الأولى التى شكلت بهذا الاسم على المستوى النقابى في تاريخنا المعاصر …
— بدأنا الحوار بسؤاله عن الحضارة المصرية القديمة وأهمتها ؟
تعد الحضارة المصرية القديمة أعظم الحضارات الإنسانية ، وأن الباحثين في تاريخ الحضارات أجمعوا بأن جميع الحضارات الإنسانية رأت النور بعد أن رفعت مصر شعلة الحضارة بٱلاف السنين فها هو عالم المصريات الأمريكى جيمس هنرى برستيد يؤكد ( بأن عطاء مصر للحضارات الإنسانية دائم ومتجدد وينهض دليلا على عبقرية أصيلة ووجدان مرهف لشعب وادى النيل وهى عبقرية لم ولن تنقطع قط وستظل تودى دورها طالما بقي نسيج حياة هذا الإنسان العظيم ) ولعل ما روجه البعض عن أن الحضارة الإغريقية أم الحضارة الغربية ، قد أورد الدكتور سليم حسن في موسوعته ( مصر القديمة ) خطأ هذه الفكرة ، فبلاد الإغريق كغيرها من البلاد الأخرى ، كانت من حيث أصول الفلسفة بوجه خاص والبحث العلمى بصفة عامة مدينة لمصر بشكل كبير ، فالحضارة المصرية القديمة أم الحضارات الإنسانية جمعاء .
— ماذا عن علم المصريات الٱن ؟
لا يزال الاهتمام بعلم المصريات يتصدر جدول أعمال الباحثين المصريين وغير المصريين على حد سواء ، وتكفي نظرة خاطفة لأي ( ببليوجرافيا ) هامة لنرى أن هذا الاهتمام يكتسب قوة دافعة كل عام ، كما أن هذا الاهتمام ليس نابعا من فراغ ، كما أنه ليس وليد الصدفة ، بل هو زتاج طبيعى ومنطقى ، للحضارة المصرية القديمة ، التى لم تنتج بعد إلا بالنذر اليسير من أسرارها ، والتى لا تزال مقومات العبقرية كنوزا ثمينة وإرثا مشتركا للبشرية بأسرها ، تطرح كل يوم تأملات جديدة ، وتبصرات جديدة ، ومعانى جديدة ومتجددة …
— اهتمام لجنتكم بالإرث الحضارى والتاريخى للمصرى القديم .. هل هو تعلق بالفردوس المفقود ؟
ليس تعلقا بفردوس مفقود ولى زمانه وسقطت أوراقه الذهبية ، وليس هذا الاهتمام هروبا من الحاضر ومشكلاته وتحدياته ، وليس تعلقا بأمجاد الأسلاف الغابرة كمجرد تعويض ، ولكن الهدف هو بالأحرى ، اكتشاف القوانين ، التى تكمن خلف مراحل الازدهار والانحطاط ، واستخلاص الدروس المستفادة ظن ملابسات الصعود والهبوط التى اكتنفت حضارتنا المصرية القديمة ، من أجل توظيف وعينا بهذه القوانين وتلك الدروس ، في مشروع حضارى جديد لبلادنا يتناسب ليس فقط مع ماضيها التليد ، وإنما أيضا مع مكانتها التى مازالت تتبوؤها — رغم كل شيئ — بحكم التاريخ والجغرافيا ….
— متى بزغت فكرة المتحف المصرى الكبير وبأ بنائه ؟؟
تفجرت فكرة بناء المتحف المصرى الكبير صدفة ، من وزير الثقافة الأسبق الفنان فاروق حسنى ، وتحولت الفكرة إلى حقيقة ، مع بدء اختيار الوزير لمكان المتحف وذلك في تسعينيات القرن الماضى ، وفي عام ٢٠٠٢ م وضع كجر الأساس لمشروع المتحف ، ليشيد على مساحة ١١٧ فدانا في موقع متميز يطل على أهرامات الجيزة الخالدة ، وقد تم البدأ في بناء المتحف في مايو ٢٠٠٥ م ، حيث تم تمهيد الموقع وتجهيزه ، وفي عام ٢٠٠٦ م أنشيئ أكبر أكبر مركز لترميم الٱثار بالشرق الأوسط ، خصص لترميم وصيانة وتأهيل القطع الأثرية المقرر عرضها بقاعات المتحف ، واكتمل تشييد المتحف خلال عام ٢٠٢١ م ، ليتضمن عددا من قاعات العرض ، والتى تعتبر الواحدة منها أكبر من العديد من المتاحف الحالية في مصر والعالم ،
— ما مميزات المتحف المصرى الكبير ؟؟
على مساحة حوالى ٥٠٠ ألف متر مربع بإطلالة كبيرة على أهرامات الجيزة العجيبة ، يعد المتحف المصرى الكبير تحفة فنية معمارية وأثرية فريدة ، إذ يعد أحد أكبر المتاحف العالمية مساحة ، ويضم أكثر من ٥٠ ألف قطعة أثرية متنوعة الحجم والشكل متصلة بالحضارة المصرية القديمة وحدها ، يشمل عرض مقتنيات الملك توت عنخ ٱمون بشكل كامل لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر ١٩٢٢ م ، بالإضافة إلى مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو مشيد الهرم الأكبر بالجيزة. ، وكذلك متحف مراكب الملك خوفو ، زد على ذلك المقتنيات الأثرية المختلفة منذ عصر ما قبل الأسرات و حتى العصرين اليونانى والرومانى …
كما يضم المتحف أماكن خاصة بالأنشطة الثقافية والفعاليات على نحو : متحف الأطفال ، مركز تعليمى ، قاعات عرض ، مركز مؤتمرات ، مناطق تجارية وتشمل محلات تجارية ، كافتيريات ومطاعم ، بالإضافة للحدائق والمتنزهات …
— هل المتحف أثريا وفقط ؟
المتحف المصرى الكبير ليس متحفا أثريا وفقط بل تم مراعاة الجانب الاجتماعي في تخطيطه ، ولهذا سيجد الزائر عند الدخول من الباب الرئيسى الذى يشبه الهرم الكبير ، مكانا معدا لقضاء وقت ممتع مع الأهل والخلان …
— كيف تم توزيع الٱثار داخل المتحف ؟
وزعت الٱثار في أماكن مختلفة من المتحف ، .. خارج المتحف تقف المسلة المعلقة بارتفاعها الشاهق لجذب أنظار الزائرين قبل دخولهم للمتحف ، وعلى بوابة المتحف حيث يستقبل الزوار الملك رمسيس الثانى بطول الفارع ١١ مترا وضخامته ، وبعد المدخل يبهر الزوار الدرج العظيم بضخامة تماثيله التى تزن مئات الأطنان وفى نهاية الدرج تبدو الأهرامات الثلاثة تقف شامخة في مواجهة المتحف ، كما أن القطع الأثرية تؤكد أن المصريين يقدسون ما بعد الحياة ويتم ترض صورة الملك التى تعادل صورة الإله ، حيث يقف تمثال رمسيس الثانى طنبا إلى جنب مع الإله بتاح ، ونرى صورة سنوسرت الأول في هيئة أوزيرية ، حيث الملك مرتبط بالٱلهة ، ناهيك عن متحف الطفل الذى يحكى قصة الحضارة بشكل تفاعل …
— ماذا تود أن تقول في نهاية حديثك عن المتحف المصرى الكبير ؟؟
يعد افتتاح المتحف المصرى الكبير حدثا عالميا عظيما ، يكشف عن مولد أكبر متحف في العالم خاص بالحضارة المصرية القديمة … لنا أن نفخر بأجدادنا العظماء








