في مشهد نادر يتقاطع فيه الأداء السياسي مع الضمير الإعلامي وقف الإعلامي خالد أبو بكر ليكتب شهادة للتاريخ في حق جهد بذله رجال على الأرض، تحت مظلة حزب سياسي لكن بروح وطنية لا تُشترى.
وجه كلماته مباشرة إلى النائب أحمد عبدالجواد ليس فقط كنائب برلماني بل كمحامٍ أمام أول قضية حقيقية في حياته المهنية عنوانها: “رد اعتبار أبناء الحزب اللي اشتغلوا بضمير لخدمة المواطن”.
لم يكن أبو بكر بحاجة إلى أن يُجامل أو يُناور قالها بوضوح: “أنا مش من مؤيدي هذه الأحزاب لكن لا يمكن أنكر تعب وجهد وعرق ناس اشتغلت”.
وهنا تتجلى قيمة الموقف لا في الكلمات، ولكن في التوقيت والجرأة والضمير.
فحين يتحدث إعلامي معروف بالاستقلالية عن أداء حزب لا ينتمي له، فهذه شهادة تُسجَّل لا تُنسى.
والأهم أنها لم تأتِ من فراغ بل من واقع ملموس شاهده الجميع في قرى ومدن ومحافظات، حيث عملت كوادر الحزب وسط الناس، وساعدوا، وساندوا، وحملوا همّ المواطن دون ضجيج.
وكان عبدالجواد جزءًا أصيلاً من هذه المعادلة ليس كمسؤول تنظيمي فقط بل كمحرك رئيسي للرؤية والعمل.
أبو بكر بذكاء ربط بين “شخصية عبدالجواد” و”أثر السنين” وقال: “واضح إن شغل السنين كان ليه أثر، وإن شخصيتك لعبت دور كبير”.
وهذه الإشارة ليست مدحا بل تحفيزا لأن الشخصية التي بنت هذا الرصيد الشعبي عليها اليوم أن تحميه وترد اعتباره.
وهنا تأتي أول قضية حقيقية في حياة عبدالجواد كمحامٍ هل سيدافع عن رجاله كما يستحقون؟ هل سيُترجم الوفاء بالفعل لا بالتصريحات؟ فالسياسة تُختبر عند الأزمات والرجال يُقاسون عند اللحظات الفارقة.
وما نشهده الآن هو لحظة فاصلة لا تحتمل التردد بل تتطلب حسما بقلب قائد لا حسابات سياسي.
وما قاله الاعلامى خالد أبو بكر يعكس إدراكا لحجم ما هو قادم “أنت أمام أول قضية مهنية حقيقية”.
وهنا تتقاطع خطوط القانون بالإنسانية والتكليف بالتكريم والماضي بالمستقبل لأن من عمل معك بالأمس ينتظر منك اليوم وقفة تُعيد له اعتباره وتحفظ له كرامته.
ولا أجمل من أن يكون الخصم السياسي هو أول من يشهد لك بالعدل.
شهادة أبو بكر تؤكد أن النجاح الحقيقي لا يصنعه الحزب وحده بل تبنيه سواعد الناس وثقة الشارع والإنصاف عندما يأتي من المختلف يكون له طعم آخر لأنه خالٍ من المجاملة ومفعم بالاحترام.
الرسالة وصلت واضحة للنائب عبدالجواد امتحانك الآن في الأرض.. لا تحت القبة.
فهؤلاء الذين تعبوا يستحقون أكثر من كلمة وأكثر من بيان وأكثر من وعديحتاجون من يدافع عنهم بقوة المحامي وحكمة النائب وشهامة الرجل.
وحين يقول إعلامي بحجم خالد أبو بكر إن “التاريخ سيكتب” فهو لا يُلقي عبارة بل يطلق إنذارا مبكرا فالوقائع تُنسى لكن المواقف تبقى.. والشارع لا يرحم النكران.
وحزب “مستقبل وطن” لا يملك رفاهية تجاهل هذا المشهد لأن قواعده على الأرض هي سر بقائه وعنوان شرعيته وهؤلاء الناس – الذين بذلوا جهدا لسنوات – يستحقون الدفاع عنهم مش لأنهم أبناء الحزب لكن لأنهم مواطنون خدموا بإخلاص.
عبدالجواد اليوم أمام خيارين إما أن يكون محاميا عنهم بحق أو أن يخسر ثقة الناس التي بنت مجده التنظيمي والرجل الذي صنع في صمت عليه أن يتكلم الآن في وضوح لأن الصمت في هذه اللحظة خيانة والمراوغة ضعف والتأخر خسارة لا تُعوَّض ولأن الله هو العدل اذا كفة العدالة يجب أن تميل للمستحقين لا لمن يرفعون الصوت فهؤلاء لم يُشاهدوا على الشاشات لكنهم صعدوا كل السلالم وتواجدوا فى الشارع وامام لجان الاستحقاقات وداخلها لينصروا الوطن والرئيس دون مقابل فقط حبهم للوطن وللكيان..
كلمة أبو بكر لم تكن مجرد رأي بل وثيقة أخلاقية في وقت تتوارى فيه المواقف خلف الأقنعة.
كتب بصدق “الناس دي اشتغلت على الأرض.. الأحزاب الأخرى محتاجة تشتغل زَيهم سنييين عشان تنافس” وبهذا الاعتراف أسدل الستار على كل المزايدات.
المشهد الآن يُحتم على عبدالجواد أن يرتدي “روب المحاماة” بنفس القوة التي ارتدى بها “جاكيت التنظيم” والامانة وأن يقف في المحكمة لا كسياسى بل كصاحب قضية.. يدافع عن جنود خدموا الوطن في صمت وأن يُعيد الاعتبار لناس صدقوه وآمنوا برسالته وساعدوه أن يصنع فرقًا في حياة الناس وهنا فقط يُصبح السياسي قائدا ويصبح النائب ضميرا ويصبح المحامي سندا.
في اللحظات الفارقة لا تُقاس المواقف بالمناصب بل بمن يملك الجرأة على قول الحق ولو على نفسه.
العلاقة بين عبدالجواد وأبو بكر في هذه اللحظة لم تكن خصومة ولا تحالفا بل لقاء ضمائر واعية على مائدة الحقيقة.
الأول أمام اختبار الدفاع عن ناسه والثاني أدّى أمانة الكلمة بشرف وأعطى لضميره الكلمة الأخيرة.
السياسة إذا انفصلت عن الأخلاق تفقد معناها وتتحول إلى مجرد مكاسب عابرة كما أن الإعلام إذا لم يتحوّل إلى ضمير يقظ يظل مجرد صدى للسلطة أو السوق.
لقد ارتقى أبو بكر فوق الخلافات والمواءمات وقالها بوضوح: “أنا مش مؤيد.. لكن لا يمكن أنكر” وهي تضع النائب عبدالجواد في موقع يجب أن يفتخر به لا لأنه حصل على مدح بل لأنه حصل على إنصاف من خصم سياسي.
وهذا هو الاختبار الحقيقي لكل سياسي محترم أن ينال احترام المختلفين معه لا فقط المُصفقين له..
وكما أن الناس تُختبر في الشدة يُختبر القادة في لحظات الدفاع عن المجهولين لا المشاهير.
من هنا يتحوّل موقف عبدالجواد من مجرد تعاطف مع كوادر الحزب إلى التزام قانوني وأخلاقي بحمايتهم ورد اعتبارهم لأنهم كانوا السند في حملاته وهم اليوم ينتظرون وقفة بحجمه.. لا وعدا بصيغة سياسية.
وكل من يقرأ كلمات أبو بكر يدرك أن الرسالة كانت موجهة للرجل قبل المنصب للمحامي قبل النائب ..
الرسالة.. الحق لا يحتاج إذنا سياسيا بل جرأة إنسانية.
وهكذا تكتمل المعادلة نائب مُطالب بوقفة.. وإعلامي منصف يُنير الطريق.
في لحظة واحدة اختُبرت المواقف وتكشفت القيم وبان الصادق من المناور.
وهؤلاء البسطاء الذين خدموا الناس لم يطلبوا جزاء ولا شكورا بل فقط العدل والعدل لا يُصنع ببيانات بل بمرافعات.. وقرارات.. ومواقف.
ويبقى عبدالجواد الرجل القادر إذا أراد على أن يكون البداية لعدالة حزبية تُعيد الهيبة إلى التنظيم والكرامة إلى قواعده.
فهل يختار أن يكون كما عرفه الناس؟ نصير البسطاء ومحامي المظلومين ومدافعًا عن حق الرجال الذين رفعوه؟
الأيام القادمة وحدها ستُجيب.. لكن الشهادة كُتبت والحق ظهر والمواقف لا تُؤجَّل.
ويبقى الشعب وحده هو القاضي.. والحكم والتاريخ لا ينسى.
وما بين صوت الإعلام النزيه وضمير النائب الوطني تُصنع الفُرَص التي لا تُعوَّض.
تحيا مصر فوق الجميع.. وتحيا الضمائر الحية التي تكتب التاريخ بلا تزوير…
