أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات رسميًا عن التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية، في خطوة تمهيدية قبيل الاستحقاقات البرلمانية المقبلة، ما يفتح الباب أمام إعادة ترتيب المشهد السياسي على مستوى المحافظات والمراكز، ويعيد رسم خرائط التحالفات والحسابات الانتخابية للمرشحين المحتملين.
ملامح التقسيم الجديد
تضمن التقسيم إعادة توزيع بعض المقاعد النيابية بين الدوائر، بناءً على الكثافة السكانية ومعدلات التمثيل النيابي، في إطار السعي لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وعدالة التمثيل. وشهدت بعض المحافظات مثل الجيزة، الشرقية، والمنوفية تعديلات ملحوظة، تمثلت في دمج بعض الدوائر، أو فصل مناطق كانت مدمجة سابقًا، ما أوجد دوائر جديدة ذات طابع ديمغرافي مختلف.
في المقابل، حافظت محافظات مثل جنوب سيناء والوادي الجديد على تقسيمها السابق تقريبًا، نظرًا لاستقرار عدد السكان وعدم وجود تغيرات كبيرة تستدعي تعديلًا.
الفرص والتحديات أمام المرشحين
يحمل التقسيم الجديد تأثيرات مزدوجة على فرص المرشحين؛ فمن جهة، قد يستفيد بعضهم من فصل مناطق كانت تمثل كتلة تصويتية معارضة لهم، ومن جهة أخرى، قد يواجه آخرون صعوبة في إعادة بناء قواعدهم الشعبية في دوائرهم الجديدة.
المرشحون المستقلون قد يواجهون صعوبة أكبر في الانتشار والتعريف بأنفسهم في دوائر جرى دمجها أو توسعتها، ما يتطلب جهدًا ميدانيًا مضاعفًا لبناء الثقة مع ناخبين جدد. أما مرشحو الأحزاب الكبرى، فقد يجدون في التعديلات فرصة لتوسيع نفوذهم، مستفيدين من شبكات الدعم التنظيمي والمالي.
التحالفات السياسية تعود للواجهة
من المنتظر أن يدفع التعديل الجديد في الدوائر عددًا من الأحزاب إلى إعادة النظر في خريطة تحالفاتها، لا سيما في الدوائر ذات الطابع التنافسي. وقد بدأت بالفعل بعض القوى السياسية في عقد اجتماعات مغلقة لدراسة فرص مرشحيها على ضوء التقسيم الجديد.
كما يُتوقع أن تظهر تحالفات محلية غير تقليدية بين شخصيات عشائرية، ومرشحين حزبيين، خاصة في محافظات الصعيد وسيناء، بهدف توحيد الجهود أمام دوائر باتت أكثر اتساعًا وتنوعًا.
صوت الناخب… بين الثابت والمتغير
من جانب آخر، يضع التقسيم الجديد الناخبين أمام تحدٍ في تحديد خياراتهم، خاصة في المناطق التي تم نقلها إلى دوائر جديدة، ما يتطلب حملات توعية لتعريف المواطنين بالدوائر الجديدة والمرشحين المحتملين.
وتبرز الحاجة إلى جهود مدنية وإعلامية لتوعية الناخب بحقوقه وطرق التصويت، خاصة مع احتمالية ظهور وجوه جديدة قد لا تكون معروفة على نطاق واسع.
يبقى تقسيم الدوائر خطوة حاسمة في رسم معادلة التمثيل النيابي، وتحقيق العدالة في توزيع المقاعد، لكنه في الوقت نفسه يعيد تشكيل فرص المنافسة ويخلط أوراق الطامحين في الفوز بثقة الشارع. ويبقى الرهان الحقيقي على قدرة المرشحين على التواصل، وقدرة الناخبين على اختيار الأصلح بعيدًا عن الاصطفافات التقليدية.