لسنوات طويلة ظلّت سوريا ساحة لصراعات دولية وإقليمية ليس بسبب “الحرية والديمقراطية” بل لأن هناك من أرادوا نصيبهم من “المهلبية”—تلك الكعكة الاقتصادية والسياسية التي يتصارع الكبار على تقسيمها فهل كانت الحرب مجرد “ثورة” أم أنها كانت خطوة مدروسة لإعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة؟
1- سوريا.. بوابة اقتصادية بين الشرق والغرب
سوريا ليست مجرد دولة شرق أوسطية بل هي عقدة جيوسياسية تربط آسيا بأوروبا وإفريقيا، وهذا يعني أن من يسيطر عليها يملك مفتاحًا استراتيجيًا مهما وهنا تبدأ الحكاية:
خط الغاز القطري إلى أوروبا .. أرادت قطر تصدير غازها عبر سوريا إلى أوروبا ما كان سيضعف هيمنة الغاز الروسي فرفضت دمشق المشروع فبدأت الحرب!
طريق الحرير الجديد..تمرير التجارة الصينية إلى الغرب عبر سوريا يجعل السيطرة عليها ضرورة استراتيجية.
الموارد والثروات.. سوريا تملك احتياطات ضخمة من السيليكون النقي وهو مادة أساسية في صناعة التكنولوجيا فضلًا عن النفط والغاز في مناطقها الشرقية.
بمعنى آخرالحرب لم تكن “عبثية”بل كانت محاولة لتقسيم “المهلبية” الاقتصادية بين القوى الكبرى.
2- نهر الفرات.. المياه كأداة حرب
لطالما كان نهر الفرات حلما للقوى الدولية فمن يتحكم بمنابع المياه يملك ورقة ضغط خطيرة. اليوم يستخدم الفرات كسلاح خفي لإعادة رسم المشهد الجيوسياسي.
3- من التهم نصيبه من المهلبية؟
عندما ترى حجم الدمار اسأل نفسك: من استفاد؟
أمريكا وأوروبا أرادوا تقليص النفوذ الروسي والإيراني، والتحكم في إمدادات الغاز.
تركيا وسّعت نفوذها في الشمال السوري واستفادت اقتصاديًا.
إسرائيل حصلت على فرصة لإضعاف الجيش السوري وتقليص أي تهديد مستقبلي.
داعش والتنظيمات المسلحة كانوا مجرد أدوات لتحريك الأحداث على رقعة الشطرنج.
4- هل انتهت الحرب أم أن “المهلبية” لم تُقسم بعد؟
بعد كل هذه السنوات لم يعد السؤال “من انتصر؟” بل “كيف سيعاد تقسيم سوريا؟”. القوى الكبرى لا تخوض حروبا عبثية بل تعمل وفق مخططات طويلة المدى. سوريا اليوم ليست كما كانت قبل 2011 والمشهد الحالي ليس سوى خطوة نحو مستقبل مرسوم سلفا.
اذا لم تكن الحرب في سوريا مجرد نزاع داخلي بل كانت صراعا على المهلبية—أي الكعكة الاقتصادية والسياسية التي أرادت كل قوة أن تضمن حصتها منها.. من الغاز والنفط إلى طرق التجارة والمياه كل شيء كان محسوبا بدقة.
السؤال الآن: هل اكتمل توزيع المهلبية أم أن هناك فصولًا أخرى في القصة؟